القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[بحث في الشفاعة]

صفحة 133 - الجزء 1

[بحث في الشفاعة]

  ٤٥ - كذا الشفاعةُ للأبرار نُثْبِتُها ... وكلُّ بَرٍّ بها في الحشْرِ ينفردُ

  ٤٦ - ليستْ لغيرهُمُو حقًّا فنُثبتَها ... لأنه قد نفاها الواحدُ الأحدُ

  في هذين البيتين إثبات الشفاعة للأبرار - إما ليزيدهم الله من فضله على ما يستحقونه بأعمالهم، أو ليرد لهم ما قد أحبطته السيئات إذا تابوا، أو لتعجيل دخولهم الجنة - ونفيها عن الفجار، والكفار، والفساق.

  أما إثباتها في الجملة فلقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً}⁣[الإسراء: ٧٩]، قيل: هو الشفاعة. ولورود أخبارٍ بها، ولأن أصحابنا لم يبطلوها، ولم ينفوا إلا إثباتها لأهل الكبائر.

  ولم يظهر خلاف في ثبوتها بين الأمة.

[الأدلة على عدم ثبوت الشفاعة لأهل الكبائر]

  أما القول بأنها لا تصح لأهل الكبائر؛ فلأنَّ الله قد نفاها عنهم في القرآن، ولأنها منافية للحكمة.

  أما القرآن فلقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ}⁣[غافر: ١٨]، {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}⁣[الأنبياء: ٢٨]، وقوله: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}⁣[البقرة: ٢٧٠]، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيراً}⁣[النساء: ١٢٣]، وقوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ٩ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ ١٠}⁣[الطارق]، وقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ٥٤}⁣[الزمر]، {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}⁣[الأنبياء: ٣٩]، {وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}⁣[البقرة: ٤٨].