القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[الإيمان الشرعي]

صفحة 142 - الجزء 1

  الصَّالِحَاتِ}، وفي قوله: {يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً}، ونحوها كثير.

  وفي هذا المبحث في التصديق ثلاث مسائل:

  الأولى: الإقرار باللسان فقط، وهذا هو النفاق.

  الثانية: الإقرار باللسان، والاعتقاد بالجنان مع ارتكاب الكبائر وهذا هو الفسق.

  الثالثة: الإقرار باللسان، والاعتقاد بالجنان، والعمل بالأركان، وهذا هو الإيمان في الشرع، أعني أنه صار حقيقة شرعية في هذا.

  أما التصديق باللسان فقط فما أظنه حقيقة في الإيمان لا لغة، ولا شرعاً، لقوله تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}⁣[الحجرات: ١٤].

  وقوله تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}⁣[المنافقون: ١]، وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ}⁣[البقرة: ٨]، فدل على أن الإيمان هو التصديق بالقلب، وإنما اللسان مترجم ومعبر عنه فإن تطابقا فهو حق، وإلا فهو كذب فهذا هو الإيمان اللغوي يؤكد هذا قول أولاد يعقوب $: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ}؛ لأنها قضية إخبارية لا تعلق لها بالإيمان بالله، ورسله وبما جاءوا به.

  هذا وقد أطلق الله الإيمان في كثير من الآيات على الإيمان اللغوي مجازاً بقرينة العطف عليه بنحو: {وَيَعْمَلْ صَالِحاً}، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}

[الإيمان الشرعي]

  وأما الإيمان الشرعي فهو قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان.

  ودليله قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ٤}⁣[الأنفال]،