[الإيمان وحقيقته]
  انظر أيها الواقف على كتابنا هذا كيف يَؤُول إليه معنى هذا الحديث وما نتائجه، فإن نتائجه التسهيل في الفواحش، والترغيب فيها، وفي الإخلال بالواجبات فيصير معناه اقطعوا الصلاة، وأفطروا شهر رمضان، واتركوا الحج، والزكاة، واقتلوا، واسرقوا، واقطعوا الطريق، واشربوا الخمر، وافعلوا كل المحرمات، وأنا سوف أشفع لكم.
  ففي هذا هدم للشريعة كلها، فهل يفعل مثل هذا حكيم؟! حاشا الله ورسوله من هذه المهزلة.
  ولو يعرف الكفار أن هذا ديننا لسخروا بنا غاية السخرية، ولكانوا مطمئنين في عدم الدخول في مثل هذا الدين، ولكفاهم مثل هذا في رد الرسالة، والكفر بها، وبالرب أيضاً.
  فهل الدعاة إلى هذا الدين دعاةٌ إلى الله ورسوله، أو إلى معصية الله ورسوله؟!
[الإيمان وحقيقته]
  ٤٧ - وليسَ من لاَ يطيع الله خالقه ... بمؤمنٍ وهو بالتصديقِ ينفردُ
  ٤٨ - لو كان قد خالط الإيمان مُهْجَتَهُ ... لصدق الفعل ما قد كان يعتقد
  ٤٩ - أو كان إيمانه حقاً بمبعثه ... لصار في طاعة الرحمن يجتهد
  اعلم أن المرجئة يحاولون تبقية معنى الإيمان على الحقيقة اللغوية، وهو التصديق، وينكرون الحقيقة الشرعية الدينية، وهي قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، ولهم في ذلك مغزىً لدعم الإرجاء وتثبيته، وهو أن كل ما وجد مدحاً للمؤمنين، والحكم لهم بالجنة في القرآن، أو السنة، فإنه ثابت للمصدق، ولو كان يعمل المعاصي، ولكن الأدلة التي قدمناها سابقاً، والتي نأتي بها الآن تنقض ما أبرموا، وتهدم ما شيدوا، ولا تجدها بحمد الله تستعمل في القرآن بالمعنى اللغوي إلا ويقيدها بالعمل الصالح، كقوله تعالى: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا