القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[بحث في الصغائر والكبائر]

صفحة 148 - الجزء 1

  قيل له: إما أن يكون الحديث شمل الكبائر؛ فتكون بقية المعاصي صغائر، لزم الذي فررتم منه وهو الإغراء بها.

  وإما أن لا يكون شملها كلها، فقد بقي اللبس الذي ذكرناه، فلم نعرف الكبائر التي نَدَبَنا إلى اجتنابِها لِيُكَفِّر عَنا الصغائر.

  ويرد على الأول: قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١]، فجعل اجتناب الكبائر شرطاً في تكفير الصغائر، وقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب: ٥]، فدل على أن الصغائر غير الخطأ؛ لأنَّه قد رفع الجناح فيه بغير قيد.

  فأما هذا الإشكال فقد يجاب عنه بأن قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ} مطلق بغير شرط، وقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١]، مقيد بشرط الاجتناب.

  ومن مذهبنا حمل المطلق على المقيد، جمعاً بين الآيتين.

  وليس المراد المطلق الاصطلاحي لكنه مثله، فكأنه قال: ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به بشرط اجتناب الكبائر.

  فإن قيل: فما فائدة قوله ÷: «الصلوات الخمس مكفرة لما بينهما» أو كما قال ونحوها.

  فالجواب: أنه لم يذكر أنّ اجتناب الكبائر مكفر، وإنما جعله شرطاً، فكأنه قال: الصلوات الخمس مكفرة بشرط اجتناب الكبائر، كما في بعض الروايات.

  فإن قيل: قد ورد أن الأمراض تكفر الذنوب، وتحت الخطايا نحو: «من وعك ليلة كفر عنه ذنوب سنة»⁣(⁣١) ونحوه.


(١) شعب الإيمان للبيهقي - (ج ٢٠ / ص ٣٣٨) شعب الإيمان - (ج ٧ / ص ١٦٧) الصبر والثواب عليه - (ج ١ / ص ١٨٤) الرضا عن الله بقضائه - (ج ١ / ص ٩٦) المرض =