القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[بحث في الزمان والمكان]

صفحة 160 - الجزء 1

  فبعضهم قال: إنها بمعنى حي لا آفة به، وبعضهم قال: إنها بمعنى علمه بالمسموعات والمبصرات، مع أنهم متفقون أيضاً على أن الله حي لا آفة به، وعلى أنه عالم بالمسموعات والمبصرات.

  وكذا الإرادة، فإنهم متفقون على أنها ليست حقيقة في حقه تعالى.

  فمنهم من قال: إنها فعله، ومنهم من قال: إنها علمه باشتمال الفعل على المصلحة، وهم متفقون على علمه باشتمال الفعل على المصلحة، وعلى أنه لا يفعل إلا ما علم أن فيه مصلحة.

  فكأن القائلين هي فعله قولهم مثلُ قول الأولين؛ لأنَّه لا يفعل إلا ما فيه المصلحة، وهذا هو الإرادة عندهم، بل إنما أرادوا نفي الإرادة الحقيقية؛ لأنهم قالوا: ليس إلا الفعل، والأولون ينفونها، لما يلزم من التجسيم لو أثبتوا إرادة حقيقية حالّة فيه، فالخلاف إذاً مثل الأول، في أمر لغوي.

  وكذا قول بعضهم: إن ذوات العالم ثابتة في الأزل، وهذا إنما هو خلاف في مجرد الاصطلاح؛ لأنَّ الذات عندهم هي ما يصح أن تُعلم، ويخبر عنها.

  والذين ينفون ذلك يقولون: إن ذوات العالم معلومة في الأزل.

  وكل الفريقين يقولون: إنها غير موجودة لا في الأزل ولا في القدم، إلا أن الأولين يقولون: ثابتة في الأزل، والمقصد ثبوت الذاتية للذات قبل وجودها بمعنى الحكم لها بالذات، والفريق الثاني لا يثبتون الذات إلا للموجود، فالخلاف إذاً في مجرد الاصطلاح؛ لأنهم قد اتفقوا على أنها معدومة في الأزل، وأنها معلومة في الأزل، وهو معنى الثبوت.

  وكذا إثبات بعضهم الصفة الأخص لله، وأنها اقتضت له الصفات الأربع، القادرية، والعالمية، والحيية، والوجودية.

  وذلك أن الذوات لما اشتركت في التسمية بالذاتية ذات الجسم، وذات العرض، والجوهر - عند من قال به - وذات الباري جلّ وعلا، فلا بد من