القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[بحث في اتفاق أسلافنا وأئمتنا الزيدية في أصول الدين]

صفحة 164 - الجزء 1

  وكذا من جوز اللوح، والكرسي، والعرش، والصراط حقيقة، فإنهم لا يقولون: إن الله على العرش، ولا على الكرسي، ولا أنه محتاج إلى اللوح، ولا أن في الصراط مشقة على المؤمنين، وإنما يجوزون أن يخلقها الله لحكمة يعلمها، ولا يلزم أن نعلم وجه الحكمة في كل فرد من مخلوقاته تعالى، وإنما يلزمنا أن نعلم أن الله لا يخلق إلا ما فيه الحكمة والمصلحة، وأن ننفي عنه الحاجة والعبث، فإذا جهلنا وجه الحكمة في بعض المخلوقات أرجعناه إلى هذه القاعدة الكلية، ألا ترى أن المساجد تسمى بيوت الله، ولا يلزم أن يكون حالاً فيها، ولم يلزم التشبيه من وضع المساجد، فالكل مجمعون على نفي التشبيه، ونفي الحاجة، والعبث، ولا بين ما جوزوه وبين أي هذه الثلاثة أي تلازم، أي لا يلزم التشبيه، ولا الحاجة، ولا العبث، مع أنهم إنما جوزوا ولم يثبتوا، وكلما ذُكر الصراط في القرآن فهو مجاز عندهم، وكذا العرش إذا ذُكر معه الاستواء.

  هذا وقد يُشْكِل على بعض الطلبة مسألتان:

  أحدهما: قول بعض أصحابنا أن مقدور بين قادرين محال.

  الثانية: قول بعضهم أن العقل العلوم العشرة.

  أما الأولى: فليس المراد أنه لا يمكن اشتراك اثنين أو أكثر في حمل شيء، أو وضعه، أو تحويله من مكان إلى مكان، أو نحو ذلك، بل المراد أنه لا يمكن أن يكون الفعل كله لزيد، ويكون كله لعمر؛ لأنه إذا كان لزيد فليس لعمر، والعكس، وهذا جواب على من قال: إن أفعال العبيد من الله، فاحتج عليهم أصحابنا بأدلة منها:

  أن الله نسب أفعال العبيد إليهم في عدة مواضع من القرآن، فأجابوا علينا بأنها من الله ومنا، فأجاب عليهم بعض أصحابنا بأن مقدوراً بين قادرين محال أي على ما شرحنا سابقاً، وأنه لو أمكن أن تتعلق قدرتهما به وجوداً لأمكن أن تتعلقا به وجوداً وعدما، بأن يريد أحدهما وجوده، ويريد الآخر أن لا يوجد، فيكون موجوداً معدوماً في حالة واحدة، وهذا محال واضح.