[بحث في اتفاق أسلافنا وأئمتنا الزيدية في أصول الدين]
  وكذا قدرتنا تعلّقت بقيامنا، وقعودنا، وهما معدومان؛ لأنَّ القدرة لم تؤثر في غير ما ذكرنا.
  بل المحال تعلق القدرة بالموجود، لأنَّه من تحصيل الحاصل، وتحصيل الحاصل محال.
  وأما العلم فمتعلق بالموجود والمعدوم، أما على كلام أصحابنا فإنه يتعلق بالذوات الحاضرة، وبإيجاد ما أخبرنا به القرآن أنه سيحصل، وأما على كلام الفلاسفة؛ فلأنا نعلم بما قد مضى من أفعالنا في المدة القريبة، وقد عدمت، وبما هو حاضر من الأشياء الموجودة، فقد تعلق العلم بالموجود، والمعدوم.
  وأعظم الخلاف في الإرادة عند من أثبتها حقيقة، وأن الله يخلقها مع خلق المراد، وأنها لا في محل، وأنها غير مرادة في نفسها.
  وهو قابل للتأويل أيضاً؛ لأنَّه لا يلزم منه التشبيه؛ لأنهم لا يقولون إنها حالَّةٌ في الله، وأعظم ما يلزمهم القول بالمحال، وهو عرض لا في محل.
  وأما إيجاد الإرادة لا بإرادة فإنما المراد إيجادها بغير إرادة حقيقية، وأما أن الله أوجدها وهو عالم بأن الحكمة والمصلحة في إيجادها، فلا ينفون ذلك، فلا يلزمهم العبث،؛ لأنَّ العلم بأن الحكمة في خلقها ينفي العبث، وإلا لزمنا مثلهم في كل مخلوقاته تعالى: لأنا ننفي الإرادة الحقيقية، وإنما نقول: إنه خلق كل المخلوقات وهو عالم بأن الحكمة في خلقها.
  هذا، وقد يجاب على الذين يقولون بأن لله إرادةً يخلقها عرض لا في محل، يخلقها عند خلق المراد بجوابين: الأول: أن ليس لهم دليل على ما يدَّعونه، وكل دعوى بلا دليل فهي عاطلة باطلة.
  والجواب الثاني: أنه إذا أمكن إيجاد إرادات على عدد المخلوقات بدون إرادة، فكذا يجوز ويمكن خلق المخلوقات كلها بغير إرادة، والفرق تَحَكُّم.