القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

مقدمة

صفحة 26 - الجزء 1

  ويكفي هذه الذرية أنها من ماءٍ خرج من فاطمة، وعلي، وفاطمة من ماء خرج من رسول الله ÷، ومن خديجة، فهم من أزكى الرجال، وأطهر النساء.

  وأنَّ الله تعالى شرع الصلاة عليهم في كلِّ الصلوات، فلو لَم يكن لهم إلاَّ هاتين الفضيلتين لكفت من يريد الحق أن يتمسكَ بهم، ويأخذَ دينَهُ عنهم.

  مع أنَّ سائر الفرق يتمسكون بعلماء لَم يرد فيهم شيء مما ورد في أهل البيت، كالشافعية، والحنبلية، والمالكية، والحنفية، وغيرهم.

  وهذه سنة الله تعالى في الأنبياء المتقدمين À جعل الله سبحانه في ذريتهم الهدى والنور.

  قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ٣٣ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٣٤}⁣[آل عمران]، وقال في إبراهيم صلوات الله تعالى عليه وعلى آله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوءَةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}⁣[الحديد: ٢٦]، وقال في ذرية يعقوب #: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}⁣[البقرة: ٤٧].

  فهل يُتصور في سيد المرسلين أن يكون الهدى والنور في غير ذريته، وتكون ذريته على ضلال! هذا ما تمجه الأسماع، ولا تقبله العقول.

  هذا، ومن اطّلع على تواريخهم وسيرهم، يعرف أنهم حجج الله تعالى على عباده، وأنَّهم أهل الحق، والفرقةُ الناجية، فإنهم لا زال العلم في بيوتهم، وفي ذراريهم، والهدى والنور، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، كما قال الله سبحانه: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}⁣[آل عمران: ١١٠]، وكما قال الله سبحانه: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}⁣[آل عمران: ١٠٤].