القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

مقدمة

صفحة 31 - الجزء 1

  الوجه الرابع: أن وقوع مثل هذا السؤال المفروض بعيد غاية البعد، فليس من خرج عن الحق قد بذل الوسع، وإن قال؛ لأنَّ الله يقول: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى ..}⁣[محمد: ١٧]، ويقول: {إَن تَتَّقُوا اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً}⁣[الأنفال: ٢٩]، ويقول: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً}⁣[الطلاق: ٢]، أي مخرجا من الضلال، ويقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}⁣[العنكبوت: ٦٩]، {فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}⁣[البقرة: ٢١٣]، ولم يتركنا الله في تيه وعمى، بل أوضح الله السبل، وبين الحجج، ولم يظهر من أي فرقة من الفرق أنهم بذلوا وسعهم في معرفة الحق، بل قابلوا أهل الحق بنحو ما قوبلت به الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كما قد ذكرنا.

  هذا، وقد يحصل بعض تكريرات لبعض الأدلة في الكتاب، وسببها أن بعض الأدلة يكون فيه دلالة في المسألة الأولى، والمسألة الأخرى، والإحالة على ما مضى قد لا يفهمها بعض الطلبة، وبعضها كان لي كتاب متقدم فيه جواب على سؤال ورد من بعض البلدان، فأُعْجِب به بعض الطلبة، ورجحوا أن يضموا بعض المواضيع التي فيه مع هذا، وإن حصل فيه بعض تكرار؛ لأنَّ في كل موضع زيادة فائدة ليست في الآخر.

  وهذا أوان الشروع في المقصود، ومن الله تعالى نستمد العون والتأييد، وأن ينفع به إخواني المؤمنين، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، متقبلاً مذخوراً ليوم الدين.

  * * * * *