[الشبه الواردة على مذهب العدلية في الصفات والجواب عليها]
[بحث في الصفات]
  هذا، واعلم أن الصفات ثلاث: صفات فعل، وصفات ذات، وصفات ذاتيات، فصفات الفعل التي يتصف بها إذا فعل، ويشتق له من ذلك الفعل صفة كخالق، ورازق، ومعطي، ومحيي، ومميت، وقاتل، وآكل، وشارب، ونحوها، وهذه يتصف بها الفاعل إذا فعل، وتنتفي عنه إذا لم يفعل.
  وصفات الذات هي القائمة بالذات كالألوان، والقدرة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والإرادة، والكراهة، والمحبة، ونحوها، فإن كانت ملازمة لا يمكن تخلفها عن موصوفها فهي الصفة الذاتية، ومعنى ذاتية أنها من شأن ذاته، ومن حقيقتها، وأنه استحقها من أجل ذاته، أي من حقيقة ذاته، كالتحيز للجسم، فإنه لا يمكن تخلف الجسم عنها، ولا تخلفها عنه، فالصفات المذكورة في حقنا، - غير التحيز - صفات ذات فقط، وفي حق الباري تعالى صفات ذات ذاتية، وإن لم تكن حالة فيه لكنها منسوبة إلى الذات ثابتةٌ لها لا تتخلف عنها؛ لأنها ليست بفعل فاعل، وهذا هو الفرق بين صفة الذات، والذاتية، فافهم الفرق بينهما.
[الشبه الواردة على مذهب العدلية في الصفات والجواب عليها]
  وبقي توضيح ما قد يرد من بعض الإشكالات في وصفه تعالى بهذه الصفات الذاتية، واتِّصاف بعض المخلوقين بِشِبْهِها، نحو اتِّصافهم بسميع وبصير، وعالم وقادر، وحي وغني، ومُدْرِك، فقد يتوهم بعض الطلبة أنَّ هذا يقتضي التشبيه.
  وقد يُوردُ عليهم بعضُ المشككين هذا ويقول: لم قلتم: إنَّا إذا قلنا: إن الله تعالى جسم لا كالأجسام - إنَّ هذا تشبيهٌ؟ وقد أَثبتم هذه الصفات لله تعالى وللأجسام، وهي: قادر، عالم، حي، سميع، بصير، موجود، وأثبتم لله تعالى ذاتًا لا كالذوات، وشيئًا لا كالأشياء، فَلِمَ لم يلزمكم التشبيه مثلما ألزمتمونا؟!