[الاشتراك في التسمية لا يوجب التشبيه]
  إذا عرفت هذا فالذوات ثلاث، أو أربع: ذات الباري، وذات الجسم، وذات العرض، وكذا الجوهر عند من يقول به، ولكل واحدة منها مميزات تتميز بها عن الذوات الأخرى.
  فالجسم هو: الطويل، العريض، العميق، الذي يشغل المكان.
  والعرض هو: الذي لا يستقل بنفسه، ولا بد له من جسم يحل فيه.
  والجوهر هو: الجزء الذي لا يتجزأ لصغره، ولا ينقسم ولا يقال له جسم إلا إذا انقسم طولاً، وعرضا، وعمقاً عند من يقول به.
  وكل هذه جائزة الوجود، وذات الباري غير هذه وهي واجبة الوجود.
  فذات الباري ليست بجسم، ولا عرض، ولا جوهر، وهي قديمة.
  وهذه الذوات محدثة. وكل ذات تسمى شيئاً، فالاشتراك في التسمية فقط، فلا يلزم منه المشابهة.
  كما إذا سُمي رجل بجراد أو طلحة، أو سمّى عدة رجال كل واحد سمّى ولده علياً فإنه لا يلزم المشابهة بين الأولاد، ولا بين الرجل وبين الشجرة المعروفة، ولا بينه وبين الجراد.
  بخلاف قولنا: جسم فقد اشترك في الماهية، ماهية الجسم وحقيقته وهي الطويل، العريض، العميق، التي يلزم منها الحدوث كما أوضحناه سابقا، ولا يخرجهم من هذا المأزق قولهم لا كالأجسام؛ لأنَّهم قد شركوه في ماهية الجسم التي يلزم منها الحدوث.
  وكذا اشتراكنا في الصفات نحو عالم، قادر، حي، سميع، بصير، مُدْرِك، موجود إنما هو اشتراك في الاسم فقط؛ لأنَّ صفات الله صفات ذاتية ثابتة له في الأزل، ولا يصح تخلفها عنه في أي وقت؛ لأنها من شأنه وحقيقته، كما أن من شأن الجسم وحقيقته كونه طويلاً، عريضاً، عميقاً، يشغل المكان؛ فلا يصح أن يكون جسم غير مشتمل على هذه الصفات، ولا أن تحصل هذه الصفات