[الاشتراك في التسمية لا يوجب التشبيه]
  ولا يحصل الجسم؛ لأنها لا تتخلف عنه، ولا يتخلف عنها، فهي له صفات ذاتية، لا تنفك عنه، ولا ينفك عنها، ملازمة للحدوث، أما الصفات الأخرى وهي سميع، بصير، عالم، قادر، حي، موجود، مدرك فهي للجسم صفة جائزة الوجود يصح تخلفه عنها، وتخلفها عنه، وهي في حق الباري صفة ذاتية لا تنفك عنه، ولا يصح تخلفه عنها، ولا تخلفها عنه، فهي ثابتة له في الأزل.
  وهي أيضاً تختلف في حقنا وحقه، فنحن ندرك المسموعات، والمبصرات، والمطعومات، والمشمومات، والملموسات، والمعلومات بآلات، ونقدر بقدرة، ونتكلم بلسان، ونحيا بحياة.
  وليس كذلك الباري تعالى فليس إلا مجرد الذات فليس له آلة يقدر بها، أو يعلم، أو يبصر، أو يسمع بها، أو يدرك المدرَكات بها المطعومات، والمشمومات، والملموسات، وسائر المدرَكات، وليس حياً بحياة.
  وهو عالم باللذة، والمستلذات، والآلام والْمُؤْلِمَات، ومقاديرها، والمطعومات، والمشمومات المريحات منها، والمؤذيات، واختلافها، ومقاديرها، والمسموعات، والمبصرات المرغوب فيه، والمنفور عنه، والشهوة، والنفرة ومقاديرها بدون تألم، أو تلذذ، أو إيذاء أو كراهة، أو نفور، أو سرور، أو شهية، ويعلم الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والصلابة والرخاوة، والخشونة والملاسة بدون ملامسة أو مماسة، ونحن بالعكس في هذه كلها.
  وهو عالم بهذه الأشياء كلها، ومُدْرِك لها قبل وجودها، وبعد وجودها، وبعد عدمها، ولا يمكن أن يعتريه الجهل، ولا العجز، ولا العدم، ولا الموت، والفناء، ولا أن يجهل شيئاً من المدرَكات كلها؛ لأنها لم تثبت له بآلة ولابجعل جاعل حتى يخصصها بوقت دون وقت، أو شيء دون شيء، فلا بد من أن تثبت له دائما، أو تنتفي عنه دائماً؛ لأنَّ ثبوتها لشيء دون شيء، وفي وقت دون وقت تحكم، وتخصيص بدون مخصص.