[الجواب على الاستدلال بـ {وجوه يومئذ ناضرة}]
  ومنها قوله تعالى: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}[النساء: ١٥٣]، وقوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ٥٥ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ ٥٦}[البقرة]، انظر كيف عظم الله هذا لما لم يكن أمراً ممكناً، وأماتهم بالصاعقة، ولو كان شيئاً ممكناً ما عظمه الله هذا التعظيم، ولم يعظم سؤال إبراهيم ~ وعلى آله {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠]، ولو كان ممكناً لقال للكليم ~: أو لم تؤمن كما أجاب على إبراهيم، ولو كان ممكناً لكانت الحكمة أن نراه الآن؛ لنحتج به على الملحدين، وتنقطع حجة المبطلين، ولا يبقى شبهة للمنكرين، وتقوم بهذه حجة النبيئين؛ لأنَّه شيء ضروري مشاهد لا يمكن إنكاره، وأما في الآخرة فلا يبقى شك ولا ريب ولا يحتاج إلى بينة فيها.
[الجواب على الاستدلال بـ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}]
  هذا، وأما احتجاج من أثبت الرؤية بقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}[القيامة]، فليس فيه دلالة؛ لأنَّ النظر محتمل لمعان، ولا يصح الاحتجاج بالمحتمل بدون مرجح؛ لأن ترجيح أحد المحتملات على الأخرى بدون مرجح تحكم، والنظر مشترك بين معان:
  ١ - نظر العين كقوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}[لأعراف: ١٤٣].
  ٢ - ونظر الانتظار كقوله تعالى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}[النمل: ٣٥]، {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسُرَة}[البقرة: ٢٨٠]، {قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الأعراف: ١٤]، {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ٨٠ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ٨١}[ص].
  ٣ - ونظر الرحمة كقوله تعالى: {وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ٧٧].