القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[الجواب على الآيات التي فيها إثبات المعاني]

صفحة 91 - الجزء 1

  والسخط، والغضب، والكراهة بالعكس وهو السب، واللعن، والإهانة، والحكم عليه بالعقاب، وإيصاله إليه، وهذا لمن يكفر، أو يتجرأ على معصية الله إن لم يتب.

  لأن المطيع الشاكر أهل للمحبة، والرضى، والكافر والمجرم يستحقان الغضب والسخط، ويكونان من باب الكناية كما يقال: طويل العصا للرجل الطويل، وإن لم يكن له عصا ومغلول اليد للرجل البخيل وإن كانت يده مقطوعة.

  وعَبَّرَ عما يفعله ذو الحنو والشفقة بالرحمة، فإرسالُه الرسل مبشرين، ومنذرين، وعدمُ معاجلة العاصي بالعقوبة، والدعاءُ للمجرمين، والكافرين إلى التوبة، ووعدُهم بقبولها، وإدخالُ التائبين الجنة وإن كانوا قد أجرموا غاية الإجرام وما احتوت عليه السنة والقرآن من المواعظ، والترغيب والترهيب، وضرب الأمثال غاية الرحمة، ويدل عليه قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}⁣[الأنبياء: ١٠٧]، وقوله تعالى: {إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ}⁣[يس: ٤٤]، ويكون من باب الكناية عبر بالرحمة عن لازمها.

  هذا، ومحبتُه ومشيئتُه وإرادته لأفعاله وأفعالِنا: علمُه باشتمال الفعل على الحكمة، والمصلحة، وبين المحبة والرحمة فرقٌ، فالرحمةُ للمطيع والعاصي في الدنيا، والمحبة للمطيع، وكذا الرحمة في الآخرة.

  وكراهتُه لها علمُه، وحكمُه بقبحها، سواءً كان لذاتها، أو لكونها معصية له.

  وعَبَّرَ عن فعل ما يوجب الأذية عادة بالإيذاء نحو معصية الله، وسبه، وأذية أوليائه.

  والحاصل أن محبته، ومشيئته، وإرادته للأفعال علمه باشتمال الفعل على الحكمة والمصلحة، سواءً كان الفعل منا، أو منه، ومحبتُه لنا فِعْلُ ما يفعله المحب لمحبوبه، وحكمه بأنه أهل لذلك.

  ورحمتُه فِعْلُ ما يفعله ذو الحنو والشفقة مع علمه بأنه أهل لذلك.