القول السديد شرح منظومة هداية الرشيد،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[الجواب على الآيات التي فيها إثبات المعاني]

صفحة 90 - الجزء 1

  وإنما الصفات الحقيقية هي الأعراض؛ فلهذا نفينا عنه هذه الأعراض المحدثة أن تثبت له حقيقة، وإنما يتصف بما وصف به نفسه مجازاً.

  أما صفة عالم، وقادر، وحي، وسميع، وبصير فمعناها أنه لا تخفى عليه المعلومات، ولا المسموعات، ولا المبصرات، ولا سائر المدركات، ولا تعجزه الممكنات، وليس بميت، ولا جماد، ولا يمكن أن يكون قادراً عالماً إلا وهو حي لكن بغير حياة.

  ولأن الله سبحانه يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، فلا يمكن أن يشابهنا في شيءٍ من صفاتنا، ولا أن نشابهه في شيءٍ من صفاته.

[الجواب على الآيات التي فيها إثبات المعاني]

  فإن قيل: إنه قد نطق القرآن بأنه رحيم، وأنه يغضب، وأنه يحب، أو يريد، ويكره، ويشاء، ويسخط، وأنه يؤذى، ونحو ذلك.

  قلنا له: إنَّ الله الذي قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، وقال: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُؤًا أَحَدٌ}⁣[الإخلاص: ٤]، {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّهِ أَندَاداً}⁣[البقرة: ٢٢]، ونحو ذلك، فهل ينقض الله كلامه بكلامه؟ ويكون القرآن متناقضاً؟ وقد قال الله سبحانه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}⁣[النساء: ٨٢]، وقال: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ}⁣[فصلت: ٤٢]، ولا مخلص لنا من هذا إلا بالجمع بين الآيات، فنتأول المتشابه بما يتطابق به مع المحكم، ومع أدلة العقول فآيةُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، صريحةٌ محكمة لا يمكن تأويلها، وكذا ما ماثلها، ولا يمكن أن نكفر بالقرآن، ولا أن نؤمن بآية، ونكفر بأخرى.

  فنتأول المحبّة والرضا بما يفعله المحب لمحبوبه، من نحو المدح والتشريف، والعطاء، والحكم له باستحقاق الثواب إن لم ينقلب، وهذا لمن يطيع الله ويشكره، ويعظمه حق تعظيمه.