[مسألة في الأجل]
  وأما لدفع العبث فلحكمةٍ قد أشرنا إلى بعضها وهي تهوين هذه الدار، وتنقيصها؛ لئلا نميل إليها، وننسى الدار الباقية، وبعضها قد يعرفها المتفكرون.
  ولا يلزم أن نعرف وجه الحكمة في كل ما يفعله الله، أو يأمر به، مهما وقد ثبت بالدليل القطعي أن الله عدل حكيم، لا يفعل إلا ما فيه الحكمة.
  فاعرف هذه القاعدة؛ لترتاح بها من كل المشكلات التي لا تعرف وجه الحكمة فيها.
[مسألة في الأجل]
  هذا، وقد كثر الخلاف في الأجل، وفي تحديده، وفي تعبير أصحابنا عنه، اضطراب وغموض، وليس نفس الموت، أو القتل كما قد يُفْهَمُ من تحديد بعضهم له.
  والذي أراه، وأوصلتني إليه الأدلة - التي هي شِبْهُ متضاربة - أن الله سبحانه وتعالى جعل لكل حيوان مدة يستحق الحياة فيها، بِجَعْلِ اللهِ له ذلك تزيد وتنقص بشروط إن حصلت، كالرزق سواءً سواء، وليس لأحد أن يتعدى على حيوان في هذه المدة، وإن مكنه الله إلا بترخيص من الله له، وآخر تلك المدة هو آخر الأجل، ويجوز تأخير الأجل، وتقديمه ممن له ذلك وهو الله كأجل الدين، يجوز تأخيره مطلقاً، وتقديمه بشرط أن يذكره عند ذكر الأجل، كأن يقول: إن قضيت الدين الأول فأجلك كذا، وإلا فكذا.
  ولا يخرج الأجل عن كونه أجلاً تقدّم الموت أم تأخر.
  والأدلة التي أوصلت إلى هذا مثل قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩]، فدل على أنها تحصل بسبب إيجاب القصاص حياةٌ، لولا هو لم تحصل، لأنَّ القاتل - أي المريد - يتجنب القتل إذا خاف القصاص، فيسلم هو من القصاص، ويسلم غريمه من القتل، وكذا قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[فاطر: ١١]، فدل على