خطبة في فضل الدعاء وأهميته نفع الله بها
  {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[غافر: ١٤]، ويقول تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[الفرقان: ٧٧].
  وفي الحديث يقول رسول الله ÷ فيما يروى عنه: «الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض»(١)، ويقول ÷: «ليس شيء أكرم على الله ø من الدعاء»(٢).
  ويقول أمير المؤمنين #: (أحب الأعمال إلى الله سبحانه في الأرض الدعاء، وأفضل العبادة العفاف).
  نعم، أيها الأحبة في الله، الله تعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالاستجابة، ولكنه ø جعل لقبول الدعاء شروطاً نستوحيها من الآيات القرآنية التي تحثنا عليه، فأولاً الإخلاص في الدعاء، ومعناه أن يكون من القلب مع اللسان، وأن يستشعر الداعي عظمة الله ويستحضر حاله وقوفه بين يدي الله، وأن يناجي الله بصدق ويقين وثقة بالله تامة، وأن يذكر أنه أمام الخالق القادر العظيم، فعليه أن يكون خاضعاً خاشعاً خائفاً مستكيناً، متوجهاً إلى الله بجوارحه وجوانحه بقلبه ولسانه، وهذا ما تعبر عنه الآية الكريمة، وهي قول الله: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[غافر: ٦٥].
  ومن الشروط الأساسية لقبول الدعاء هي التقوى، وهي أن يكون الداعي ملتزماً، ومعناه: أن لا يترك واجباً ولا يرتكب محرماً، بل يكون مستقيماً في سلوكه وسائراً في طريق الله التي رسمها لعباده، نستوحي ذلك من قول الله ø: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ١٨٦}[البقرة].
  أما إذا كان الداعي يعج بالمعاصي ويتقلب في الحرام ويسبح في بحار الرذيلة،
(١) رواه العنسي في كتابه الإرشاد ورواه الإمام أبو طالب في اماليه عن الإمام علي # وبدل قوله: [ونور السماوات والأرض] [وزين ما بين السماوات والأرض].
(٢) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن أبي هريرة.