درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في مكارم الأخلاق]

صفحة 119 - الجزء 1

  ذاته»⁣(⁣١)، وكقوله: «والذي نفس محمد بيده لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم لسانه، ولا يستقيم لسانه حتى يستقيم قلبه»⁣(⁣٢)، ونحو ذلك كثير. وكقوله ÷: «من غشنا فليس منا»⁣(⁣٣).

  إن الإيمان: هو القول باللسان، والاعتقاد بالجنان، والعمل بالأركان، فالهدف من الإيمان هو العمل، ولذلك أصبحت علامة الإيمان في الإنسان هي مواقفه العملية وسلوكه الأخلاقي، يقول أمير المؤمنين علي #: (علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن عملك، وأن تتقي الله في حديث غيرك).

  ومن هنا كان المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ومعنى ذلك أن من أطلق لسانه على الآخرين بالسب وهتْكِ الأعراض، أو بَسَطَ يده لقتل الآخرين أو النزو على حرماتهم أو على أموالهم فإنه يكون غريباً وبعيداً عن المسلمين، فالمسلم هو من يلتزم السلوك الطيب مع الأعمال الصالحة.

  فإذا أردت أن تعرف صدق عبادة المرء من زيفها، فعليك أن تبحث عن صدقه في عمله. يقول رسول الله ÷: «إن أقربكم مني غداً، وأوجبكم علي شفاعةً أصدقكم لساناً، وأداكم لأمانته، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس»⁣(⁣٤)، وفي حديث آخر يقول ÷: «أحسن الناس إيماناً أحسنهم خلقاً، وألطفهم بأهله، وأنا ألطفكم بأهلي»⁣(⁣٥) فالسلوك الطيب هدف من


(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه أبي ليلى.

(٢) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية بسنده من حديث عن الحسن البصري. ومن حديث عن قريش التميمي عن عبد الله.

(٣) رواه الإمام زيد # في المجموع الفقهي و الحديثي عن الإمام علي #.

(٤) رواه الإمام زيد # في المجموع الفقهي و الحديثي عن الإمام علي #.

(٥) رواه السيد العلامة محمد بن يحيى المطهر في كتابه المختار، ورواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية من حديث أبي ذر بلفظ: «أي المؤمنين أكمل إيماناً؟ قال: أحسنهم خلقاً» و عن سعيد بن مسعود بلفظ: إن النبي ÷ سئل: «أي المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقاً».