درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[اهتمام الإسلام بمكانة المرأة]

صفحة 123 - الجزء 1

  الاحتقار والامتهان في العصور المظلمة، لندرك ما آلت إليه في ظل الإسلام العادل من الاحترام والعزة، وندرك ما فرض لها الإسلام من الحقوق الإنسانية.

  وقف الإسلام بجانب المرأة في أقسى مراحل حياتها، فأعاد إليها حقوقها السليبة منها فهي كانت تعيش أوضاعاً قاسية، ليس لها قيمة ولا كرامة في معظم شعوب العالم، كانت تباع وتشترى، وكانوا يلصقون إليها كل رذيلة.

  أما حالتها في الحياة الجاهلية عند الغالبية من العرب فكانوا يعتبرونها عامل بؤس ووافد شقاء ووصمة عار، فكان مشكلة وجود البنت عندهم هي أم المشاكل، وولادتها نكبة كبرى وحادثاً أليماً في حياة أبيها، يسْوَدُّ وجهه لسوء ما بشر به، ويأتيه الناس للتسلية والتعزية، وليخففوا عنه قسوة الحادث وهول المصاب، ولذلك أقدمت جل القبائل العربية على جريمة من أبشع الجرائم وهي وأْدُ البنات ودفنهن أحياء، وقد تحدث القرآن الكريم بالاستياء والتذمر عن هاتين الظاهرتين القاسيتين، مندداً ومنكراً تلكم العادات البشعة، محرماً الوأد ومشنعاً عليه، قال الله العظيم في كتابه الكريم: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ٥٨ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ٥٩}⁣[النحل]، وقال جل وعلا: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ٩}⁣[التكوير].

  فما أفحش هذا الجهل! وما أفظع هذا الظلم! وكان لهم في قتلها صور مختلفة، فمنهم من كان يتركها حتى تبلغ السادسة من عمرها، وعندها يقول لأمها: طيبيها وزينيها، ويأخذها وهي كذلك إلى الصحراء ويحفر لها حفرة فإذا أتمها قال لها: انظري إليها، فإذا نظرت ألقاها فيها وأهال عليها التراب حتى يدفنها وتموت.

  ومنهم من كان يتركها حتى يتم رضاعها، وعند ذلك يدسها في التراب دونما رحمة تشملها أو عاطفة أبوة تسعها، ومنهم من كان يذبحها ساعة ولادتها، ومنهم من كان يصعد بها إلى جبل شاهق ثم يلقيها منه فتموت، ومنهم من