[اهتمام الإسلام بمكانة المرأة]
  يلقيها في الماء فتموت غرقاً، ومن النساء من كانت إذا أتاها الطلق عمدت إلى جنب حفيرة قد أعدَّتها، فإن كانت أنثى ألقتها في الحفيرة وطمتها، وإن كان ذكراً حملته إلى أبيه قريرة العين وكأنها هي التي خلقته ذكراً كما يشاء أبوه.
  عادات قبيحة وجرائم بشعة، وكان عند بعضهم عادات أفظع وأقبح يندى لها جبين التاريخ، وهي أن من سلمت من الوأد فإن آباءهن كانوا يتاجرون بعفاف كرائمهن وبناتهن، وسيلة لجمع المال من طريق البغاء، وقد تعرض القرآن الكريم لذكر هذه الجريمة الشنعاء ونهى عنها، حيث يقول: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[النور: ٣٣].
  أيها المؤمنون، إن من الحق أن نقف خاشعين أمام عظمة الإسلام، وأن نقيم وجوهنا لهذا الدين الحنيف القيم الذي فطرنا الله عليه، وأن نُقَيِّمَ هذه النعمة الكبرى ونؤدي شكرها فهي أعظم النعم، فهذا الدين الإسلامي هو الذي أنقذ الإنسان من كل شر، وارتفع به عن كل هوان وساقه إلى كل فضيلة، وتصدى لكل مشكلة من مشاكله بأعدل الحلول.
  فلما جاء الإسلام وحالةُ المرأة هكذا وأد وحرق واستعباد، ينالها الأذى والإهانة والاحتقار والتعذيب - انتصر لها وانتشلها من هوانها، وصيرها الدعامة الثانية للإنسانية كما أراد الله أن تكون، ومنحها أعلى القيم وأسمى الكرامات، وحقق لها من العزة والكرامة والحرية ما لم تحصل عليه في غير دين الإسلام ودولة الإسلام، فهي في ظل الإسلام الوارف مثال للنبل والكرامة، ولكن إذا انصهرت لتعاليم الإسلام، وجسدت في سلوكها نصائح هذا الدين وآدابه وأخلاقه، والإسلام قد أفهم الناس أن المرأة كالرجل نواة للبشرية، وأن لها روحاً إنسانية كروحه، قال الله العظيم في كتابه الكريم: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}[الحجرات: ١٣]، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً}[النساء: ١].