درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[اهتمام الإسلام بمكانة المرأة]

صفحة 125 - الجزء 1

  كما ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في أمور وفرق بينهما في أمور أخرى، حسبما تقتضيه حكمة الله وعدله ومصلحة الإنسان، فسوى بينهما أولاً في الإنسانية والحرية، ثم في جواز وصحة التملك والكسب والمعاملات، وفي الحقوق والواجبات وفي الآداب والأحكام، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}⁣[البقرة ٢٢٨]، كما قرر الإسلام أن الفضائل والصفات الخيرة العالية مطلوبة من المرأة كما هي مطلوبة من الرجل على حد سواء، وأن لكل منهما الجزاء الأوفى يوم تجزى كل نفس ما عملت، فهما متساويان في العلاقة بالله وفي الجزاء على الأعمال، يقول الله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}⁣[آل عمران: ١٩٥].

  ثم انظروا أيها المؤمنون كيف قرن الله بين الرجل والمرأة في عشر صفات هي صفات المؤمن الحق، التي يجب أن يستهدفها كل فرد في حياته ويجسدها في سلوكه، يقول الله العظيم في كتابه الكريم: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ٣٥}⁣[الأحزاب].

  هكذا يقرر الإسلام أهلية المرأة للتدين والعبادة، وقابليتها للفوز بالنعيم ودخول الجنة إن هي آمنت وأحسنت وعملت الأعمال الصالحة كالرجل تماماً قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٩٧}⁣[النحل].

  وبينما كانت المرأة في نظر الجاهلية وسائر الأديان غير الإسلام تُملَك وتباع وتشترى، فقد قرر الإسلام لها حق الكسب والملكية مثل الرجال، فقال الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ}⁣[النساء: ٣٢].

  وأما الأمور التي فرق الإسلام بين الرجل والمرأة فيها، فمنها أن جعل الله