[اهتمام الإسلام بمكانة المرأة]
  الرجال قوامين على النساء، ومنها أن للرجال عليهن درجة، ومنها نقص الإرث ونصاب الشهادة ونحو ذلك، ولكنه لم يكن قائماً على انتقاص المرأة وخفض قدرها، وإنما ذلك قائم على ما تدعو إليه حكمة الله وعدله فشرائع الله مصالح، وهو تعالى أعرف بمصالح العباد من أنفسهم، كما أن الإسلام قد خفف المرأة دون الرجل من بعض الأعمال كالجهاد والقضاء ونحو ذلك، وذلك للاختلاف بينهما من الناحية التكوينية والنفسية، فخفف عنها الأعمال التي لا تتناسب وطباعها وسلوكياتها، بينما كلفها الله بأمور بسيطة، فإذا قامت بها حق القيام أعطيت أجر ما فات عليها من العبادات التي خففها الشرع عنها، مع أن في تكليفها بذلك سعادتها.
  يروى أن أسماء بنت يزيد دخلت على النبي ÷ وهو جالس بين أصحابه وقالت: أنا موفدة إليك يا رسول الله من قِبَل النساء. فقال ÷: «وماذا تريد النساء؟» قالت: إن الله بعثك إلى الرجال والنساء فآمنا بك واتبعناك، ونحن معشر النساء محصورات مفصولات، قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم، وأنتم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهادة الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك كله الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أما نشارككم في هذا الخير يا رسول الله؟
  فالتفت الرسول ÷ إلى أصحابه قائلاً: «هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينه من هذه؟» قالوا: لا يا رسول الله، فقال ÷: «انصرفي يا أسماء، واعلمي أن معاشرة إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت»(١)، فانصرفت وملء قلبها طمأنينة الرضا، وعلى ثغرها ابتسامة البشرى.
(١) ذكرها الشرفي في السيرة النبوية باختلاف يسير في اللفظ.