درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في السؤال عن النعيم يوم الحساب]

صفحة 128 - الجزء 1

[في السؤال عن النعيم يوم الحساب]

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي جعل الموت راحة للصالحين الأبرار لينقلهم به من دار الأحزان والهموم والأكدار، ويستقبلهم في دار الرحمة والسعادة والاستبشار، وليريحهم بالموت من البأساء والضراء والآلام والأخطار، يأخذهم تعالى من دار البوار ليتمتعوا لديه بالنعم العظيمة في دار البهجة والقرار في دار الخلد والسعادة بجوار العزيز الغفار، في دار دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، ونحمد الله حمداً كثيراً على ما أعطانا من سوابغ نعمه وعواطف كرمه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي تفرد بالبقاء والاقتداء، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله النبي المختار صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأبرار الصادقين الأخيار الطيبين الأطهار.

  أما بعد،

  فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته، والاستعداد لحكمه الماضي على كافة خلقه الشقي منهم والسعيد، واتعظوا عباد الله بمواعظه في كتابه فقد قال تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ٤٥}⁣[ق]، فنتواصى بالتدبر للقرآن المجيد فقد أبان الله لنا فيه كل أمر رشيد، ونتواصى بتسليم أمورنا لله فهو الفعال لما يريد، وعلينا جميعاً أن نحذر سخط الله وانتقامه وسطوته يوم الوعيد، فاعملوا بما أمركم الله به من الطاعات واجتنبوا ما قد نهاكم عنه من السيئات فهذا شأن العبيد.

  وتذكروا من قد مضى من الأمم الخالية فكم قصم الله فيها من كل جبار عنيد وذلك لما تهاونوا بأوامره وكذبوا رسله فحق منه الوعيد، وتذكروا أين صار من بنى وشيد وطول، وأين من ساد الناس وتأمر عليهم في الزمن الأول، وظن جهالة بل جرأة منه أنه لا يتحول، فعاد عليه الزمان سالباً ما خول، وسقامهم لما كفروا كأساً على هلاكهم عول، {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ١٥}⁣[ق].