[في السؤال عن النعيم يوم الحساب]
  ملجأً ولا معاذاً، {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ٢٣}[ق].
  يومها لا يجد المجرم محالاً للإنكار فيقول: هذا حقاً أهنته، وهذا غدرت به وخنته، وهذا ظلمته، وهذا أكلت أمواله باطلاً، وهذا عن حقه زحزحته، وهذا خشيت ضره أو منافسته لي فقتلته، وهذه الفاحشة عملتها، وهذا المنكر ارتكبته، ويحاول التخلص فيقول: إن لي قريناً أضلني لأني صدقته، {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ٢٧}[ق].
  أَوَ مَا تخجلوا حين ينادي مناد الحق: أما تفضلت عليكم بكل نعمة ولي المنة؟! أما أكملت الحجة وأوضحت المحجة لكل من كلفته من الإنس والجِنَّة؟! أما منحتكم العقول والقوى الكاملة وهديتكم النجدين وأطلقت لكم الأعنة؟! فلم أجبركم على طاعة أو على عصيان، بل عرفتكم السبيلين وأمرتكم بالاعتماد على محكم القرآن والصحيح من السنة.
  أما قد زجرتكم عن طاعة الشيطان؟ وأخبرتكم أنه عدوكم فقد أخرج أبويكم من الجنة، وقد تهدد وتوعد بإغوائكم فإذاً {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ٢٨}[ق].
  أما أنبتُّ لكم الحلالَ وأبحتُه لكم ونهيتُكم عن الحرام؟ أما أنزلتُ إليكم الكتب المقدسة وأرسلت إليكم الرسل الكرام؟ أما خلقت لكم ومن أجلكم السماوات والأرض وسخرت لكم البحار وذللت لكم الأنعام؟ أما أنبأتكم بما عليكم من التكاليف وأقدرتكم عليها وتحببت إليكم بكل إنعام؟ أما أنبأتكم بهذا اليوم وشدائده وأنه ليس كسائر الأيام؟ {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٢٩}[ق].
  ثم اذكروا النهاية المحتومة لمن عَنَد وكابر، يوم تقوم الزبانية إلى المجرمين العصاة وتتبادر، يسوقونهم إلى الهاوية ودموعُهم على أوجانهم تتحادر وتثب النار إليهم كوثوب الأسد إذا تأخر، فيذل من زفيرها كل من عز وفاخر، {الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ٢٦}[ق].
  أعاذنا الله وإياكم من أهوال ذلكم اليوم المهول فإنه يوم عظيم يحار فيه كل غافل