درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[دور المال والعمل والكسب المشروع]

صفحة 135 - الجزء 1

  الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ٦ أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى ٧}⁣[العلق]، لذلك فقد حرص الإسلام والقرآن أن يضع الإنسان في هذا الجو المحفوف بالمخاطر فقال: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ١١}⁣[الجمعة].

  نعم، أيها المؤمنون إن الله تعالى يريد منا أن نتعامل بالحق وعلى أساس الرضا المتبادل، ولذلك نهى الله عن التعامل بالباطل حيث قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[النساء: ٢٩].

  وقد اعتبر الإسلام الربا من أظهر مصاديق التعامل بالباطل، ونبه في عدة آيات على مفاسد الربا، ندد فيها بالربا والمرابين، وهدد وتوعد الذين يتعاطون هذا النوع من التجارة، ولعل ذلك أن المرابين يستغلون الظروف القاسية التي تحيط بالمحتاجين لتساعدهم على فرض أطماعهم، ولكن الذين يُسَخّرون أموالهم لهذا النوع من الكسب الحرام يتعرضون غالباً للانتقاص وللأحقاد، وقد جاء عن الصادق # أنه قال: «إنما حرم الله الربا لئلا ينقطع سبيل المعروف» لأن الله تعالى يريد أن ينتشر المعروف بين عباده، ومِن نشر المعروف أن يقرض المسلم أخاه لله وفي سبيل الله؛ لأن عملاً من هذا النوع يؤكد روابط الأخوة والألفة بين الناس كما يريد الله.

  ومعلوم أن الله تعالى قد حرم الربا في جميع الشرائع، كما تشير إليه الآية التي تحدثت عن الإسراف في تعاطي الربا من قبل اليهود، وهي قول الله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا ١٦٠ وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ١٦١}⁣[النساء]، وقال تعالى فيما يعود إلى تعاطي الربا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى