درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[الجمعة الأخيرةمن شعبان في العدل ولزوم التحلي به]

صفحة 162 - الجزء 1

[الجمعة الأخيرةمن شعبان في العدل ولزوم التحلي به]

خطبة فيها بعد الموعظة العدل ولزوم التحلي به، نفع الله بها

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الكريم الذي لا يبخل في عطائه، العدل الحكيم الذي لا يجور في قضائه، الغني الذي لا تجوز عليه الفاقة، المكلف لعباده دون الطاقة، فهو العدل الذي لا يظلم ولا يجور، ولا يقضي بالفساد في أمر من الأمور، نحمده حمداً لا ينبغي إلا له، ولا يُتقرب به إلا إليه، حمداً يتضاعف على كرور الأزمنة ويتزايد أضعافاً مترادفة.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ركب العقول في قلوب المكلفين لإقامة حججه، وأرسل الرسل لإيضاح الدين فهو منهجه.

  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

  عباد الله، نتواصى بتقوى الله الذي لا تنفد منه نعمه، ولا تُفقد له رحمة، الذي رغَّب في التقوى، وحذَّر من المعاصي، وزهَّد في الدنيا، الذي تعزز بالبقاء، وذلل خلقه بالموت والفناء، فالموت غاية المخلوقين وسبيل العالمين، ومعقودٌ بنواصي الباقين.

  فزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وحاسبوها قبل أن تحاسبوا، وتنفسوا قبل ضيق الخناق، وبادروا إلى الطاعات قبل عنف السياق، قبل أن تبلغ الروح التراقي وقيل من راق، وظن أنه الفراق، والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق.

  خذوا بشرائع الدين فإن من أخذ بها لحق وغنم، ومن تأخر عنها وتهاون بها ضل وندم، اعملوا ليوم تُذَّخر له الذَّخائر وتبلى فيه السرائر، واتقوا ناراً حرها شديد وقعرها بعيد، حلية أهلها فيها الحديد، وطعامهم الزقوم، وشرابهم الصديد.