[الخطبة للجمعة الأولى من شهر رمضان]
  وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء: ٧]، ويقول عز وعلا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}[فصلت: ٤٦]، فيجدر بنا ونحن في هذا الشهر العظيم، يجدر بنا في هذه الفترة المباركة أن نطهر أنفسنا عن الأوزار والرذائل، وأن نزكيها بالمثابرة على الطاعات وإخلاص العمل عن كل شائبة، وهذا يتم بملاحظة الأدعية المأثورة التي لها آثار طيبة في حياة الإنسان، فهي عبارة عن مدرسة فكرية علمية عظيمة، تصوغ الإسلام وقوانين الإسلام الإلهية، وتشرح تعاليم القرآن ومنهجه القويم وصراطه المستقيم، وتُبْرِز النظام الرسالي في أسلوب رفيع، يدرسه الإنسان في حوارٍ بينه وبين خالقه بين العبد وربه بعيداً عن كل صخب وضوضاء.
  فيجدر بالمسلم أن يتزود من هذا المنهل النقي، وأن يلازم تلاوة القرآن العظيم بتدبر وإمعان، فالقرآن رحمة للمؤمنين، وشفاء لما في الصدور من غل، وما في مجتمعاتهم من المشاكل والمصاعب، كما أن القرآن موعظة للغافلين، وهدى للجاهلين ودستور للحياة، وهو المصدر الوحيد والمنهل المتدفق بالخير والسعادة والرحمة على هذا الإنسان الذي يحيط به الظلام من كل جانب.
  فيجدر بالصائم أن يكثر من تلاوة القرآن وأن يتدبر معانيه ويتعقل محتوياته؛ لينشرح صدره وتمتلئ نفسه بالخير والهداية بعد أن راضت بالصوم وتطهرت من الذنوب، فإن لهذا الشهر الكريم حقاً وحرمة تفوق حق أي شهر سواه؛ ولحقه وحرمته عند الله أنزل فيه القرآن كما أنزل فيه سائر الكتب السماوية على ما بلغنا من الروايات.
  فعلينا جميعاً أن نشمر في طاعة الله وأن نتخلق بأخلاق القرآن؛ لتنبعث الأنوار من قلوبنا إلى السماء وتتلقاها ملائكة الرحمة، فإننا بقدر ما نحصل عليه من تفهم أسرار القرآن والتخلق بأخلاقه وتطبيق أحكامه على واقع حياتنا، بقدر ذلك ينزل علينا من الرحمة مقدار ما نبذله من جُهد في طاعة الله والتمسك بكتاب الله وقرنائه ومعايشة سنة رسول الله ÷.
  وعلينا أن نقوم بإحياء ليالي شهر رمضان، ولكن بقراءة العلوم النافعة وبتلاوة القرآن الكريم وبالنوافل والاستغفار والتسبيح والتحميد والتمجيد