خطبة في ذكر ليلة القدر
خطبة في ذكر ليلة القدر
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، اللهم بنورك اهتدينا وبفضلك استغنينا وفي نعمتك أصبحنا وأمسينا، اللهم إنا نشهدك وكفى بك شهيداً، ونشهد ملائكتك وجميع خلقك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن سيدنا ومولانا محمداً عبدك ورسولك، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الأطهار الصادقين الأبرار، أئمة الهدى وأعلام الأمة والدعاة إلى الخير، الذين يقول فيهم رسول الله ÷: «أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، فويل لمن خذلهم وعاندهم»(١).
  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله فإن خير ما نتواصى به التقوى، وهي وصية الله في خلقه، يقول الله ø: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ١٣١].
  فاتقوا الله تعالى فقد تقارب من هذه الدار الارتحال، ولقد آذنت أيامها بسرعة الزوال فكأنها تنادي الخلائق بلسان الحال، ويصرح لسان تصاريفها عن حقيقة المآل، ولقد صرعت القرون الأُول وأخلت القصور الشامخة عن الدول، وسلبت الجامعين لحطامها ما دق وجل، وجردتهم عما كثر منها وما قل، لم يخرج منها أحد إلا بثوب الأكفان، ولم يصحبه منها ما شيد من البنيان ولا ما جمع من المال، لا يغني عنه من ماله صامت ولا ناطق، ولا يرد عنه الرداء خليل ولا صديق صادق، لا تنفعه الأولاد والأحفاد، ولا يشفع فيه الإخوان ولا الأجناد، بل يُنزل في قعر حفرته فريداً ويُترك هنالك وحيداً.
  وأوصيكم بتقوى الله والاعتصام بأمره الذي شرع لكم وهداكم به، وأوصيكم
(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الاثنينية عَنْ عَلِيٍّ #.