درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

في فضل عشر ذي الحجة وفضل بيت الله الحرام

صفحة 213 - الجزء 1

  فنتواصى بتقوى الله وإدامة ذكره وشكره فقد قال: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ٢٨}⁣[الرعد]، وقال ø: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ١٥٢}⁣[البقرة]، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون.

  أيها المؤمنون، إن الله تعالى شاء ولا راد لما شاء، أراد أن يجعل لهذه الأمة حرماً آمناً وأرضاً للسلام، يملأ ذكرها النفوس بالأمن والطمأنينة، جعل الله لها حرماً تفزع إليه النفوس الخائفة وتطمئن فيه القلوب، جعل الله بيته العتيق المقدس مثابة للناس وأمناً، ولا ينحصر استشعار الأمن في ربوع ذلكم البيت العتيق في التخلص من مخاوف الحياة وحدها، بل إن فيه أمانًا للناس من الذنوب وآثارها، فهو موضع التوبة والرجوع إلى الله ø، ولذلك تكرر في القرآن العظيم من الآيات البينات التي تؤكد قدسية هذا الحرم وأمنه؛ ليحرر الإنسان من الخوف ومن محنه التي تطارده في كل العصور، فيقول ø: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ٣ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ٤}⁣[قريش]، ويقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٢٦}⁣[البقرة]، وقال جل شأنه وتقدست أسماؤه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}⁣[البقرة: ١٢٥]، وقال ø: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}⁣[آل عمران: ٩٧]، وقال وهو أصدق القائلين: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ٢٥}⁣[الحج]، وقال جل وعلا: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ٣}⁣[التين].

  وفي القرآن الكثير الطيب من الآيات التي تتحدث عن الأمن والسلام، وعن حرمة الحياة وحرمة البيت الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام، كررها الله تعالى