درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

في فضل عشر ذي الحجة وفضل بيت الله الحرام

صفحة 214 - الجزء 1

  ليغرس في نفوس الناس احترام الأمن وحب السلام، ويرفع الإنسان من العبث والجريمة، من سفك الدماء وظلم النفس وظلم الأبرياء وغيرها من الجرائم والمخالفات والفواحش التي حرم الله ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، وليرفع الإنسان إلى قمة الكمال إلى حيث أراد الله أن يكون.

  فعلينا أن نستصحب التوبة في بداية أمورنا ونهايتها وفي ليلنا وفي نهارنا، ففي الحديث عن رسول الله ÷: «حقوق الله أعظم من أن يقوم بها العباد ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين»⁣(⁣١).

  أيها المؤمنون، إن عبادة الحج كسائر العبادات، وذلك أن الثمرة والفائدة التي تحصل من إقامتها هي عائدة للإنسان نفسه؛ لأن الله تعالى فرض ما فرض من الطاعات ونهى عما نهى عنه من المحرمات لا لحاجة منه إلى ذلك، بل ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها، ولأنه تعالى غني عن العالمين، لا تنفعه طاعة المطيعين ولا تضره معصية العاصين، فالنتائج والثمار الطيبة والأجور الجزيلة من كل العبادات هي للإنسان المطيع، والعواقب الوخيمة بسبب التمرد على الله والعصيان هي كذلك عائدة على الإنسان العاصي.

  وعلى كل حال فإن خير الدنيا ونعيم الآخرة للمتقين الملتزمين القائمين بالواجبات كما يريد الله أن تقام، فخير منافع الحج التي ذكرها الله في القرآن حين يقول: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}⁣[الحج: ٢٨]، هي ما ستؤول إليه هذه الأعمال من الخير العاجل والجزاء العظيم الآجل، وهي عائدة إلى الإنسان، ففي الحديث: «أن الحج ينفي الفقر»⁣(⁣٢) و «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»⁣(⁣٣) ففي


(١) رواه في الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين.

(٢) رواه الإمام أحمد بن سليمان في حقائق المعرفة.

(٣) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن جابر.