في فضل عشر ذي الحجة وفضل بيت الله الحرام
  هذين الخبرين اللذين ثبتا عن رسول الله ÷ فيهما خير الدنيا ونعيم الآخرة، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
  فجدوا يا عباد الله وأخلصوا لله أعمالكم، وتداركوا ما قد سلف منكم من التقصير، فهذه أيام التوبة وأيام الندم والاستغفار، ونحن في هذه الأيام نستقبل أيام العشر من ذي الحجة، وأيام العشر كلُّها عظيمة، الأعمال الصالحة فيها تقبل والأجور فيها تتضاعف.
  ومما يدل على عظمتها وفضلها أن الله - تعالى ذِكْرُه - جعلها تتمة لميقات كليمه موسى بن عمران # حين قال ø: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً}[الأعراف: ١٤٢]، وذلك شهر ذي القعدة الحرام ثم قال: {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}[الأعراف: ١٤٢]، وهي كما جاء في التفسير: العشر الأولى من ذي الحجة الحرام، فهي تذكر في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، وكذلك لعظمتها عند الله ø أقسم بها حين يقول: {وَالْفَجْرِ ١ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ٢}[الفجر]، وهي الأيام المعلومات التي أراد الله منا أن نذكره فيها حين يقول: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج: ٢٨].
  فاغتنموا عباد الله هذه الأيام وهذه الليالي المباركة العظيمة، واغتنموا فيها الأعمال الصالحات من الصيام والصدقات، والتوبة من الخطايا والندامة على ما سلف من السيئات، وقدموا لأنفسكم ما استطعتم من البر والمعروف والإحسان، واذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وعشياً، فقد روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «ما من أيام العمل الصالح يعمل فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني: أيام العشر قيل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد، إلا أن يخرج الرجل بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء»(١).
(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن ابن عباس. وفي أمالي أبي طالب: قالوا: يا رسول الله ... إلخ.