عند قدوم يوم عرفة
عند قدوم يوم عرفة
  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﷽
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أنطق الصامت ببديع حكمته، وجالت أبصار البصائر في عظيم عظمته، القديم الذي لم يسبقه شيء فتدركه الأوصاف، ولم يكن جسماً فتحويه الجهات والأطراف، ولم يكن مرئياً فتحيط به النواظر والأبصار، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المتجلل بالعظمة والكبرياء، أعد لعباده دار الجزاء، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}[النجم].
  وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، من كان للكفرة مدمراً، ولمن اعتصم به مجيراً، ولمحراب الشريعة منيراً، ولكافة الخلق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله وسلم عليه وعلى أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
  عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله فإنها وصية الله في الأولين وفي الآخرين، فالله تعالى يقول في الكتاب المبين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ١٣١].
  فاتقوا الله فيما احتج به عليكم وفيما قدمه إليكم، قبل انقطاع المدة واستكمال العدة، فكأني بكم وقد نزلت بكم نازلة الفناء، وأُخرجتم إلى دار البلاء، وأتاكم ما كنتم توعدون، وعاينتم ما كنتم تحذرون.
  فاتقوا الله عباد الله وعودوا إلى رشدكم، واسلكوا طريق أهل الحق الذين إذا علموا عملوا، وإذا ذُكِّرُوا قبلوا، وإذا وُعِظوا اتعظوا، {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢}[الأنفال].
  ولنكن جميعاً بما علمنا منتفعين، وللموت متأهبين ومستعدين، وعلى ما