درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[محاضرة الإسراء والمعراج]

صفحة 312 - الجزء 1

[محاضرة الإسراء والمعراج]

  

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف وأفضل خلق الله سيدنا ومولانا وقائدنا محمد بن عبدالله وآله الكرام البررة الهداة.

  أحييكم أيها الحاضرون جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأشكر لكم هذا الحضور المبارك وهذا التجمع العظيم فذلكم من تعظيم شعائر الله: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ٣٢}⁣[الحج].

  أيها المؤمنون، إن الحديث عن رحلة الإسراء والمعراج لعسير؛ لأن الحديث عن المعجزة أي معجزةٍ كانت هو الحديث عن الرسالة، والمعجزة كما يقال عنها: وثيقة الأنبياء لإثبات الرسالة، أو كما يقال في اللهجة العصرية: أوراق اعتماد النبي ÷ التي لا بد أن يكون فوق مستوى الإنسان؛ وذلك للتعبير عن إرادة السماء.

  هذه الرحلة العظيمة شملت الإسراء برسول الله ÷ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كما اشتملت على معراجه ÷ من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى، رحلتان عظيمتان أرضية وسماوية، رحلة تخطت حدود الوقت، في مركبة قطعت المسافات بلا زمان، مركبة هي البراق، مركبة من صنع الله، لم تكن من صناعة روسيا أو أمريكا أو اليابان.

  ترى هل هذه الرحلة هي رحلة استكشافية، أم أن لها أهدافاً أخرى؟

  إنها على ما يبدو كانت لتلقي تعليمات هامة، اسمعوا ما يقول الله ø، يقول: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ٨ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ٩ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ١٠}⁣[النجم]، ففي إعطاء هذه التعليمات الموحاة إليه ÷ لوناً من الغموض حين يقول تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ١٠} دليل على أهمية تلكم التعليمات الرشيدة.