درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[محاضرة الإسراء والمعراج]

صفحة 313 - الجزء 1

  ويبدو أن الهدف من هذه المعجزة العظيمة: أولاً: تثبيتُ نبوة محمد ÷ لدى قومه بالدلائل القاطعة التي لا تبقي شكاً ولا ريبة لطالب الحقيقة، حتى لقد وصف لهم «بيت المقدس، ومدينة إيلية» فكان ذلك كما يعرفون، والحال أنه لم يعرف ذلك من قبل.

  ثم أخبرهم عن عيرهم ومتى سيكون وصولها وما يتقدمها من الإبل وإهراق الماء عليهم وهروب أحد الجمال وغير ذلك مما ثبت لديهم صدقه، مع أنهم كانوا يعتبرونه بل يسمونه الصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.

  وثانياً: لمشاهدة آيات الله العظيمة، من القدرة والقوة الغير متناهية؛ وذلك لتقوية نفسيته ÷ بعد أن تعرض ÷ لأبشع إرهاب فكري واجتماعي عرفه تاريخ الرسالات، فحينما يرى تلك القوة الجبارة التي تسانده، ستبقى معنوياته عالية، وتقوى نفسيته على الدعوة وعلى مجابهة الأخطار، ولا يبالي بما يكون أبداً.

  وخير دليل على ذلك ما أجاب به على قريش بواسطة نصيره الأول أبي طالب # حين بذلوا له بواسطته المال والجاه والسيادة والزعامة العظمى على أن لا يسفه أحلامهم أو يسب آلهتهم، فقد أجاب بقوله –ما معناه -: «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه»⁣(⁣١).

  وأما التعليمات فقد عاد من رحلته ÷ بتعليمات عظيمة، تعتبر من أهم ما جاء به الإسلام ورسول الإسلام، ومن نُظُم هائلة وتشريعات غير قاصرة؛ لأنها ضمت بين طياتها بالإضافة إلى قضايا العقيدة والتوحيد والنبوءة والمعاد وقضايا الصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من العبادات، ضمت أيضاً نظام القيادة


(١) رواه أبو العباس في كتابه المصابيح.