درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[محاضرة الإسراء والمعراج]

صفحة 315 - الجزء 1

  وإذا عرفنا ذلك فإن علينا أن نعرف صاحب هذه المعجزات سيدنا رسول الله ÷، الذي حاز أشرف الفضائل وأسماها، الذي خشعت له غرر الملائكة وانتخبه الله بجدارة سيداً لأنبيائه وأقرب عباده إليه، ومنحه رسالة السماء الكاملة، التي لم يؤْثِرْ بها ما يربو على مائة وعشرين ألف نبي، وخوَّله قيادة البشر إلى الأبد.

  وبعد أن نعرف ما نعرف من قدره؛ إذ لا نستطيع أن نحيط بأوصافه وأخلاقه بعد قول الله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤}⁣[القلم].

  وبعد ذلك علينا أن نقتفي أثره ونسلك سبيله ومنهاجه، وأخيراً اسمحوا لي أن أقدم إلى مسامعكم هذه القصيدة العظيمة العصماء، التي تنسب إلى أحد الشعراء من شيعة أهل البيت من الحلة الفيحاء، وتتضمن كمية من معجزات الرسول ÷، فأعيروني مسامع قلوبكم لعدة دقائق مشكورين مأجورين:

  خمدت لفضل ولادك النيران ... وانشق من فرح بك الإيوان

  وتزلزل النادي وأوجس خيفة ... من هول رؤياه أنو شروان

  فتأول الرؤيا سطيح وبشرت ... بظهورك الرهبان والكهان

  وعليك إرميا وشعيا أثنياء ... وهما وحزقيل لفضلك دانوا

  بفضائل شهدت بهن الصُّحْفُ ... والتوراة والإنجيل والفرقان

  فُوُضِعتَ لله المهيمن ساجداً ... واستبشرت بظهورك الأكوان

  متكملاً لم تنقطع لك سرة ... شرفاً ولم يطلق عليك ختان

  فرأت قصور الشام آمنة وقد ... وضعتك لا يخفى لها أركان

  وأتت حليمة وهي تنظر في ابنها ... سراً تحار لوضعه الأذهان

  وغدا ابن ذي يزن ببعثك مؤمناً ... سراً ليشهد جدك الديان

  وحبيت في خمس بظل غمامةٍ ... لك في الهواجر جرمها صيوان

  ومررت في سبع بدير فانحنى ... منه الجدار وأسلم المطران

  وكذاك في خمس وعشرين انثنى ... نسطور منك وقلبه ملآن

  حتى كملت الأربعين وأشرقت ... شمس النبوة وانجلى التبيان

  فرمت نجوم النيرات رجيمها ... وتساقطت من خوفك الأوثان