[خطبة في ذكرى الغدير]
  ثم قال: «إن الله تعالى أوحى إليّ: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَاتِهِ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧]، وإني مبين لكم سبب نزول هذه الآية: ذلكم أن جبريل # هبط إليّ مراراً ثلاثاً، يأمرني عن السلام ربي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبيء بعدي، فهو وليكم بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله علي بذلك آية من كتابه فقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ٥٥}[المائدة]، وعليٌّ أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع.
  وساق في فضله وفيما اختصه الله به من خصائص ليست لغيره.
  ومنها: «إن الله ø جعل ذرية كل نبي من صلبه، وإن الله ø جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب»(١).
  وحث الناس على مبايعته وقال: «معاشر الناس، قولوا الذي قلت لكم، وسلموا على علي بإمرة المؤمنين»(٢) فلما انتهى من خطابه هتفوا جميعاً قائلين: يا رسول الله، سمعنا وأطعنا عن أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا، فأنزل الله تعالى حينئذاك: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣].
  فعلينا أن نعظم ما عظم الله ورسوله، وأن نقيم لهذا اليوم وزنه وحقه، وأن نظهر فيه من السرور والابتهاج والفرح ما نقدر عليه، فهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين بولاية سيد الوصيين وإمام المتقين بعد خير خلق الله
(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن جابر.
(٢) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن بريدة بلفظ: أمرنا رسول الله ÷ أن نسلم على علي بن أبي طالب # بيا أمير المؤمنين.