درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[كلمة الحفل في يوم الغدير]

صفحة 325 - الجزء 1

  الإنذار، بل أمر برجوع من قد تقدم وانتظار من لم يكن قد لحق، وأعلن للناس وهم ما يقرب من مائة وعشرين ألف حاج من جميع الأقطار الإسلامية، وحثهم رسول الله على تبليغ أهل بلدانهم؛ لتعم الحجة وتثبت الولاية أولاً لأمير المؤمنين # ثم الولاية العامة لذريته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

  يستفاد ذلك من قوله وتكريره: «ألا فليبلغ الشاهد الغائب» ومن قوله: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض».

  يحكى أن سائلاً سأل الصادق # عن معنى قول رسول الله ÷ في يوم الغدير: «من كنت مولاه فعلي مولاه»؟ فقال: قد سئل رسول الله ÷ عن ذلك فأجاب قائلاً: «الله مولاي أولى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي فعلي مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معه»⁣(⁣١).

  انتبهوا لهذه الكلمات وافحصوا عن معانيها وما تعنيه، إنها تعني الطاعة المطلقة لأهل البيت كطاعة الله وطاعة رسوله ÷.

  ولصعوبة هذا التكليف هلك من هلك، قال مولانا وسيدنا العلامة حجة الله على عباده في هذا الزمن سيدي مجدالدين بن محمد المؤيدي #: قال في لوامع الأنوار: «هذا باب امتحن الله به عباده كبير، قد زلّت فيه أقدام خلق كثير، بل هو أعظم التكاليف على المكلفين، وأصل الفتنة في الأولين والآخرين، وعادة الله تعالى الجارية في خلقه، أن يلبس من تكبر عن أمره فيه وغمط نعمته عليه أثواب الصغار، وأنواع الخزي والشنار؛ وإن في إبليس - لعنه الله تعالى - لعبرة لأولي الأبصار، فعدو الله أول من سخط أمر الله، ورد قضاءه؛ ثم تبعه كل من نفخ في أنفه، فشمخ بنفسه، فأنزل الله تعالى به سوء النقمة، وسلبه ما لديه من النعمة،


(١) رواه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان في كتابه المسمى بالمجموع المنصوري.