درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في التحذير من الدنيا]

صفحة 42 - الجزء 1

[في التحذير من الدنيا]

  

  الحمد لله الذي أعز من أطاعه واتقاه، الذي أذل من خالف أمره وعصاه، الحمد لله الذي يجيب الداعي إذا دعاه، الحمد لله الذي من لاذ به حماه ووقاه، ومن توكل عليه كفاه، أحمده حمداً جزيلاً طيباً يملأ أرضه وسماه، وأشكره على سوابغ نعماه.

  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه، ÷ تسليماً كثيراً.

  عباد الله، أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسئولون، واتقوا الله فيما أنتم إليه صائرون فإن الله يقول: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣٨}⁣[المدثر]، ويقول ø: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ٢٨}⁣[آل عمران]، ويقول سبحانه: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٩٢ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٩٣}⁣[الحج].

  فعلينا بتقوى الله فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها، ويُدرَك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا ونعيم الآخرة، اسمعوا قول الله تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ٣٠}⁣[النحل]، ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}⁣[الطلاق]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ٥}⁣[الطلاق].

  أيها الناس، إن المتقين ذهبوا بعاجل الخير وآجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}⁣[الأعراف: ٣٢]، إن المتقين سكنوا الدنيا بأحسن ما سُكِنت، وأكلوها بأحسن ما أُكِلت.