فضل النصيحة وحسن المعاملة
فضل النصيحة وحسن المعاملة
  
  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله مسخر الكواكب جارية في بروج أفلاكها، ومطهر السماوات بتقديس وتسبيح أملاكها، وميسر أنفس المطيعين للسعي في فكاكها، وممهل العاصين حلماً منه وثقة بإدراكها.
  أحمده على نعمه وآلائه التي أكملها، حمداً يكون إليه واصلاً، وبما وعد عليه كافلاً.
  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يألق في القلب كوكبها، ويعلق بالملكوت سببها.
  وأشهد أن مولانا محمداً عبده ورسوله أرسله للرسل عاقباً وللملك غالباً، وللحقوق طالباً، وعلى الفسوق ناكباً، فلم يزل ÷ لأمته ناصحاً، وللظلم والظالمين وأهل البغي والعدوان مكافحاً، حتى أظهر الله كعبه وأسرَّ قلبه، وأعزه ونصره وأيد حزبه، وآثر قربه، ثم قضى بعد ذلك نحبه، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.
  أيها الناس: الزموا التقوى يلزمكم وقارها، وأُموا سبيل الهدى فقد توضح لكم منارها، وانظروا بعيون الهمم في مصارع الأمم الذين عرَّفهم الزمان عاقبة أمره، فعمروا الدنيا عمارة آمنٍ من غدرها، ونفذ أمرهم في برها وبحرها، حتى إذا اقتعدوا منها مقاعد الشرف، وبلغوا غاية السرور والترف، وصدقوا كواذب أمانيها، حين ذاك قلبت لهم عين فراتها العذب أجاجاً، وأمَّرتهم على آفاتها أفواجاً، أخرست ألسنتهم بعد إفصاحها، وطمست آثارهم بعد اتضاحها.
  فيا أيها القاطنون في منازل الراحلين، ويا أيها الواردون مناهل الأولين، لقد هتف بكم هادم اللذات فأسمع، وجاءكم عارض الشتات فما أقلع، وسل فيكم سيف الممات فأوجع، وسعى إليكم بقلق الآفات فأسرع، وأنتم معتمون بعمائم الآمال الحائلة بينكم وبين خواتم الآجال، فكأن الموت على غيركم كتب، وكأن الحق على غيركم وجب.