[خطبة في التعريف بالحق]
  سليمة، وكل ذي بصيرة.
  كما شهد بحقية هذا الكتاب أولو العلم والإنصاف كما بين الله ذلك حيث يقول: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٦}[سبأ].
  كما شهد بحقيته النصارى الذين حدّث الله عنهم فقال: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ٨٣}[المائدة].
  وشهد الجن بحقية القرآن حين استمعوه فولوا إلى قومهم منذرين: {قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٠}[الأحقاف].
  وشهد المشركون أيضاً رغم عنادهم وكفرهم بالقرآن وبمن أنزل عليه، فقالوا: إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه ليس من كلام الجن والإنس وإنه يعلو ولا يعلى عليه.
  نعم، إن هذا القرآن حق لأنه كلام الله الحق، فهو حق لأنه باق لا يزول ولا يتبدل، وهو حق لأنه يهدي إلى الحق المطلق؛ لأنه يهدي إلى الله وإلى صراط مستقيم، وهو حق لأنه يهدي إلى الحقائق الثابتة التي تبين للإنسان مبدأه ومصيره، ويهدي إلى أفضل الغايات، ويهدي إلى القيم الخالدة والفضائل الأصلية، ويهدي إلى العدل فيما للإنسان على غيره وفيما عليه لغيره دون غلو ولا تقصير، وصدق الله القائل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: ٩].
  نعم، نقول: ما بال المسلمين قد ضلوا وتفرقوا وأصبحوا في مؤخرة الأمم علماً وحضارة وتقدماً، والحال أنهم أهل القرآن وأهل الحق؟! يبدو أن أسباب ذلك هو أولاً: انحرافهم عن الحق الذي جاء به القرآن؛ لأن ما وافق أهواءهم أخذوا به وما خالفها نبذوه وراء ظهورهم، وهذه ظاهرة سيئة، وقد ذم الله بني