درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[في التقوى]

صفحة 80 - الجزء 1

  تنهى ولا تنتهي، وتأمر بما لا تأتي، تحب الصالحين ولا تعمل عملهم، وتبغض المذنبين وأنت تعمل ما يعملون، تكره الموت لكثرة ذنوبك وتقيم على ما تكره الموت من أجله، إذا حف بك البلاء ظللت نادماً، وإن عوفيت أمنت لاهياً، تعجب بنفسك إذا عوفيت، وتقنط من رحمة الله إذا ابتليت، إن أصابك البلاء دعوت مضطراً، وإن نالك رخاء وخير أعرضت مغتراً، تغلبك نفسك على ما تظن، ولا تغلبها على ما تستيقن، تخاف على غيرك بأدنى من ذنبك، وترجو لنفسك بأكثر من عملك.

  {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ}، ما لكم هكذا إن استغنيتم بطرتم وفتنتم؟ {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ٦ أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى ٧}⁣[الفلق].

  ما لكم تقصرون إذا عملتم، وتبالغون إذا سألتم؟ إن عرضت لكم الشهوات أسلفتم المعصية وأجَّلتم التوبة.

  يا ابن آدم، مالك تخشى الموت ولا تبادر الفوت؟! مالك تستعظم من معصية غيرك ما تستقل أكثر منه من نفسك؟! وتستكثر من طاعتك ما تحقره من طاعة غيرك؟! فأنت على الناس طاعن ولنفسك مداهن، اللغو مع الأغنياء أحب إليك من الذكر مع الفقراء، تحكم لنفسك على غيرك، ولا تحكم عليها لغيرك.

  فاتق الله وقل بالحق واعمل للأجر، واحذر يوماً يغتبط فيه من أحمد عاقبة عمله، ويندم فيه من أمكن الشيطان من قياده فلم يجاذبه، فاستبدلوا القول الفاحش بالقول الكريم، فإن الله يبغض الفاحش المتفحش، واحذروا سوء المجاورة لجيرانكم، واحذروا قطيعة الرحم فالنبي ÷ يقول: «والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وسوء المجاورة وقطيعة الرحم وحتى يؤتمن الخائن ويخوَّن الأمين»⁣(⁣١).


(١) رواه الإمام المرشد بالله في الأمالي الخميسية عن عبد الله بن عمرو.