درر الفرائد في خطب المساجد،

عبد الله بن صلاح العجري (المتوفى: 1427 هـ)

[خطبة في الإخلاص وترك الرياء]

صفحة 88 - الجزء 1

  ويعرف أيضاً أن الاستقامة على الحق هي طريق السعادة والنجاة عند الله، وأن الجنة مأواهم، وأن الله تعالى وليهم، يقول الله العظيم في كتابه الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٣١ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ٣٢}⁣[فصلت].

  ولا يظن المخادعون الذين يتظاهرون بالصلاح والصدق والإخلاص وهم عن ذلك بعيدون - فلا يظنون بأنهم قد فازوا وانتصروا، فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤}⁣[النور].

  يقول أمير المؤمنين علي عليه صلوات رب العالمين يقول: (واعلموا عباد الله بأن عليكم رصداً من أنفسكم وعيوناً من جوارحكم وحفاظ صدق يحفظون أعمالكم وعدد أنفاسكم، ولا تستركم منهم ظلمة ليل داجٍ ولا يكنكم منهم باب ذو رتاج).

  واعملوا عباد الله في غير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له، ومن عمل لله مخلصاً تولى الله ثوابه.

  واعلموا أن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه خلق خلقه فألزمهم عبادته وكلفهم طاعته، وقسم بينهم معايشهم ووضعهم في الدنيا بحيث وضعهم، وهو في ذلك غني عنهم، لا تنفعه طاعة المطيعين، ولا تضره معصية العاصين، لكنه تعالى علم قصورهم عما تصلح عليه شؤونهم وتستقيم به دهماؤهم في عاجلهم وآجلهم، فارتبطهم بإذنه في أمره ونهيه، فأمرهم تخييراً، وكلفهم يسيراً، وأثابهم على ذلك كثيراً، وميز سبحانه بعدل حكمه وحكمته بين الموجف من عبيده إلى مرضاته ومحبته، وبين المبطئ عنها والمستظهر على نعمته منهم بمعصيته، فذلك