[أدلة الكتاب على وجوب طاعة داعي الله]
  ويحرم عليهم خذلانه، ويلزمُهم أن يطيعوه فيما أمر اللّه تعالى أن يطيعوه فيه، فينقادوا لأمره، ويمتثلوا طاعته، وينهضوا إذا استنهضهم لقتال أعدائه، ولا يكتموا عنه شيئاً من النصائح، ويحدثوا له النصيحة من أنفسهم سراً وجهراً.
  والأصل في هذه الأمور كلها قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، وأولوا الأمر هم الأئمة بإجماع الأمة.
  وروى زيد بن علي عن آبائه عن علي $ أنه قال: (ثلاثة(١) لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجلٌ بايع إماما عادلاًً فإن أعطاه شيئاً من الدنيا وفَى له، وإن لم يعطه لم يفِ له(٢)؛ ورجلٌ له ماءٌ على ظهر الطريق يمنع سابلة الطريق؛ ورجلٌ حلف بعد العصر، لقد أُعطيَ في سلعته كذا وكذا فأخذها الآخر مصدقاً له بيمينه وهو كاذب).
  وأما من امتنع من بيعة إمام عادل؛ فقد قال الهادي # في الأحكام: طُرِحت شهادته، وسقطت عدالته، وحرم نصيبه من الفيء.
  أما وجوب البيعة إذا طلبها الإمام؛ فلِما فيها من قوة أمره، وتوهين أمر من يخالفه ويعاديه، ولِما فيها من انتظام الأمر، وجمع الشمل، وهي من جملة الطاعة، وقد قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، فكيف وقد اشتملت البيعة على هذه المصالح الدينية؟ ولأن الرسول ÷ كانت له بيعتان قبل خروجه من مكة: بيعة النساء(٣)، وبيعة العقبة، وبايع بعد خروجه من مكة بيعتين: بيعة الرضوان - وهي بيعة الشجرة - والبيعة الثانية يوم الحديبية». انتهى كلام الانتصار.
(١) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي هريرة. تمت.
(٢) فكيف حال من يُعطى ولا يفي كما هي الحال في هذا الزمان، أعاذنا اللّه من موجبات سخطه والبعد عن رحمته. تمت من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(٣) ينظر في كلام الانتصار، فبيعة النساء بعد خروجه من مكة، وبيعة الرضوان هي بيعة الشجرة وبيعة الحديبية. تمت من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.