الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[نفي صفات المخلوقات عن الباري جل وعلا]

صفحة 62 - الجزء 1

  فالوجه في قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}⁣[الرحمن: ٢٧]، أي: ذاته، و {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة]، أي: نعمته، {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر: ٦٧]، أي: قدرته وقوته، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ٣٩}⁣[طه]، أي: بعلمي، و {فِي جَنْبِ اللَّهِ}⁣[الزمر: ٥٦]، أي: في الجانب الذي لِله وهو الطاعة، و {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ٥}⁣[طه]، أي: استولى، و {إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}⁣[المجادلة: ٧]، أي: علمه وسلطانه، و {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}⁣[الأنعام: ٣]، أي: حافظ عالم مدبر، و {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}⁣[النحل: ٥٠]، أي: قوته وقهره، و {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة]، أي: منتظرة لرحمته، وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}⁣[الزخرف: ٨٤]، أي: إله من في السماء وإله من في الأرض، ونحو ذلك.

  وهذه المعاني كلها شائعة في لسان العرب؛ بل معدودة من البلاغة فيجب الحمل عليها لما قضت به حجج العقل، والآيات المحكمة التي لا احتمال فيها مثل قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}، {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}⁣[البقرة: ٢٢]، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، وإذا وجب الحمل على المجاز في مثل: {جَنَاحَ الذُّلِّ}⁣[الإسراء: ٢٤]، بقرينة العقل وجب هنا.

  فإن قيل: إذا نفيتم عن اللّه تعالى صفات خلقه؛ فما تقولون في مثل: موجود حي قادر عالم؟ وهل هذه مما تطلق عليه تعالى وعلى غيره أم لا؟.

  قلنا: قد بينا أن صفات اللّه تعالى ذاته، وذاته تعالى مخالفة لسائر الذوات، فلا اشتراك بينها في ماهيةٍ ولا حقيقة، ولأن المخلوق موجود بإيجاد فهو موجَد، وقادر بإقدار فهو مُقدَر ونحو ذلك، وهذه عين المخالفة بين المخلوقين والخالق.