الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[معاني قدر - المشدد -]

صفحة 69 - الجزء 1

[معاني قدَّر - المشدد -]

  وقدّر - مشدداً - على معانٍ أيضاً:

  ١ - بمعنى: خلق، كما في قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}⁣[فصلت: ١٠].

  ٢ - وبمعنى: أحكم، كقوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ٢}⁣[الفرقان].

  ٣ - وبمعنى: بيّن، تقول: قدر القاضي نفقة الزوجة.

  ٤ - وبمعنى: قَاسَ، تقول: قدرت ذا على ذاك.

  ٥ - وبمعنى: فَرَضَ، يقال: قدِّر ما شئتَ.

  فيجوز أن يقال: إن اللّه تعالى قدَّر الواجبات بمعنى فرضها، وقدَّر الطاعة والمعصية بمعنى بيّنها، مقيداً، لا بمعنى خلقها. خلافاً للمجبرة.

  قالوا: قال اللّه تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ٩٦}⁣[الصافات].

  قلت: يعني خلقكم والحجارة التي تعملونها أصناماً.

[معنى الإيمان بالقضاء والقدر]

  نعم، وكل ما كان من فعله تعالى فهو بقضائه وقدره، وعليه يحمل الحديث: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره»، سمي شراً مجازاً؛ لنفرة النفوس عنه كالأمراض والنقائص، والإيمان به اعتقاد أنه من اللّه تعالى بحكمةٍ ومصلحةٍ يعلمها.

  واعلم أن المجبرة هم: القدرية لقولهم: إن المعاصي بقدر اللّه تعالى، ونحن ننفي ذلك، والنسبة في لغة العرب من الإثبات لا من النفي كما يقال ثنوي⁣(⁣١)، ولكثرة لهجتهم به.

  وقد صح عند أهل الإسلام قوله ÷: «القدرية مجوس هذه الأمة».


(١) فيقال: قدري لمن يقول بالقدر لا لمن ينفيه، ويقال: ثنوي لمن يقول بالتثنية لا لمن ينفيها، وإلا قيل للمسلم: ثنوي؛ لأنه ينفي التثنية.