الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الفصل الثاني في العدل]

صفحة 71 - الجزء 1

  النازلة على أولياء اللّه تعالى وعلى غير المكلف، فإنها لحكمةٍ ومصالح علِمها اللّه تعالى ولا تسمى عقاباً.

  المسألة السادسة: أن اللّه لا يريد شيئاً من معاصي عباده ولا يرضاه ولا يحبه، لأن الرضى والمحبة يرجعان إلى الإرادة وإرادة القبيح قبيحة واللّه تعالى لا يفعل القبيح كما مر ولو أراد اللّه تعالى شيئًا منها لما حسن تعذيبهم على فعلها وقد قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزمر: ٧]، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر]، {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة].

  المسألة السابعة: أن جميع الآلام التي لا تقع من فعل المخلوقين فهي من فعل اللّه تعالى لحكمةٍ وصواب.

  والدليل على أنها من فعل اللّه تعالى: أنها من جملة الأعراض المحدَثة ولم تكن من فعل المخلوقين، فوجب أن تكون من فعل اللّه تعالى⁣(⁣١).

  وأما كونها لحكمة وصواب: فقد ثبت أنه تعالى عدل حكيم لا يفعل الظلم والعبث؛ فوجب الحكم بأن جميع أفعاله تعالى حكمة وصواب، وإن لم يعرف وجه الحكمة، كالاعتبار، والتعريض على الخير بالصبر على البلاء، وللعوض منه تعالى، وقد يكون تعجيل عقوبة لمن يستحقها قال اللّه تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ٣٠ ..} الآية⁣(⁣٢) [الشورى]، وغيرها.

  المسألة الثامنة: أن هذا القرآن الذي بيننا كلام اللّه تعالى، وقد عُلِم ضرورة أن النبي ÷ كان يخبر أنه كلام اللّه تعالى لا كلامه، وقد قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٦] ولا شك أنه القرآن.


(١) هذا الكلام مبني على القول بأن التأثير ليس إلا لفاعل مختار، وهذا الفاعل إما الله أو غير الله، ونعلم أن ليس الفاعل لهذه الأعراض أحد من المخلوقين، فبقي كون الله هو الفاعل. تمت من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٢) هذه الآية عامة في أن كل ما يصيبنا فهو مما كسبت أيدينا من المعاصي. ويخصصها قوله تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ...} الآية [البقرة: ١٥٥]، وهي تفيد أن من ما يصيبنا هو للاختبار، ويخصصها كذلك ما أصاب الأنبياء من مصائب وهم لا يعصون اللّه تعالى.