الموعظة الحسنة،

محمد بن القاسم الحسيني (المتوفى: 1319 هـ)

[الفصل الثالث في الوعد والوعيد]

صفحة 76 - الجزء 1

  ولقوله ÷: «لتأمرنّ بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن اللّه عليكم سلطاناً⁣(⁣١) جائراً لا يرحم صغيركم، ولا يوقر كبيركم، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم»، وقوله ÷: «والذي نفسي بيده ليخرجن أقوام من أمتي من قبورهم يوم القيامة على صورةِ القردة والخنازير بما داهنوا أهل المعاصي، وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون»، وقوله ÷: «لا يحل لعين ترى اللّه يُعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل»، وقوله ÷: «ما من قوم يكون بين ظهرانيهم من يعمل بالمعاصي فلا يغيروا عليه إلا أصابهم اللّه بعقاب»، إلى غير ذلك من الكتاب ومن السنة.

  واعلم أن شروطهما التي يتحتمان عندها سبعة:

  أولها: التكليف لرفع القلم عن الصبي والمجنون.

  ثانيها: القدرة عليهما لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦].

  ثالثها: العلم⁣(⁣٢) بأن ما يأمر به معروف وما ينهى عنه منكر عند الفاعل⁣(⁣٣)؛ لأنه لا يأمن أن ينهى عن المعروف ويأمر بالمنكر، ولقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦].

  ورابعها: أن يظن التأثير، فإن لم يظن حَسُن من باب الدعاء إلى الخير، ولقوله تعالى: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٦٤}⁣[الأعراف]؛ إلا أن يكون المأمور أو المنهي جاهلاً للحكم وجب البيان؛ لأن تبليغ الشرائع واجب، ولقوله تعالى:


(١) التسليط هنا بمعنى التخلية، فاللّه تعالى يدافع عن الذين آمنوا ولكنه يخلي بينهم وبين الظلمة إذا تركوا أمره.

(٢) قال الشرفي في شرح الأساس: فإن قيل: كيف يشترط العلم مع أنه قد يجب عليه ذلك في الاجتهاديات وهي لا تفيد إلا الظن. قلنا: إن الاجتهاديات يدخلها العلم، وذلك لأنه وإن كان مظنوناً للمجتهد؛ فإنه يجب عليه قطعاً العمل به، وإذا وجب عليه العمل به قطعاً وجب الأمر به والنهي عنه كذلك، هكذا ذكروه وهو حق، واللّه أعلم. تمت من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.

(٣) قوله: عند الفاعل. هذا في مسائل الاجتهاد أما المسائل القطعية فالواجب فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سواء كان الفاعل يعتقد ذلك أم لا. تمت من الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي #.