ثالثا: أقوال في التقوى والمتقين
  يمسي وهمه الشكر، ويصبح وهمه الذكر، يبيت حذراً، ويصبح فرحاً، حذراً لما حُذِّرَ من الغفلة، وفرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة، إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب، قرة عينه فيما لا يزول، وزهادته فيما لا يبقى، يمزج الحلم بالعلم، والقول بالعمل، تراه قريباً أمله، قليلاً زلله، خاشعاً قلبه، قانعة نفسه، منزوراً أكله، سهلاً أمره، حريزاً دينه، ميتة شهوته، مكضوماً غيظه، الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه، بعيداً فحشه، ليناً قوله، غائباً منكره، حاضراً معروفه، مقبلاً خيره، مدبراً شره، في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه، لا يضيع ما استحفظ، ولا ينسى ما ذكر، ولا ينابز بالألقاب، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب، ولا يدخل في الباطل، ولا يخرج من الحق، إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته، وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة، أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه، بُعُدُه عمن تباعد عنه زهد ونزاهة، ودنُوّه ممن دنا منه لين ورحمة، ليس تباعده بكبر وعظمة).
  قال: فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها، فقال أمير المؤمنين #: (أما والله لقد كنت أخافها عليه)، ثم قال: (هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها)
  ٢ - عن الإمام علي #: التقوى ترك الإصرار على المعصية، وترك الاغترار بالطاعة. مفتاح السعادة.
  ٣ - قال أمير المؤمنين - كرم الله وجهه -: (أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها الزمام والقوام، فتمسكوا بوثائقها، واعتصموا بحقائقها، تؤول بكم إلى كنان الدعة، وأوطان السعة، ومعاقل الحرز، ومنازل العز، في يوم تشخص فيه الأبصار، وتظلم له الأقطار، وتعطل فيه صروم العشار، وينفخ في الصور فتزهق كل مهجة، وتبكم كل لهجة، وتذل الشم الشوامخ، والصم الرواسخ، فيصير صلدها سراباً رقرقاً، ومعهدها قاعاً سملقاً، فلا شفيع يشفع، ولا حميم يدفع، ولا معذرة تنفع). مفتاح السعادة.
  ٤ - الإمام علي # قال: (التقوى: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل،