رابعا: أشعار في الأخوة
  ٤ - ليت السباع لنا كانت مجاورة ... وأننا لا نرى ممن نرى أحدا
  إن السباع لتهدأ في مواطنها ... والناس ليس بهاد شرهم أبدا
  فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها ... تلقى السعيد إذا ما كنت منفردا
  ٥ - وليس أخوك الدائم العهد بالذي ... يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا
  ولكن أخوك النائي ما كنت آمناً ... وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
  ٦ - لعمري لقد أصبحت في دار غربة ... وإن كنت في الأوطان أمسي وأصبح
  وذاك لأني لا أرى من مشاكل ... يزحزح همي أنسه ويروح
  ولكنني أمنى بعشرة كاشح ... وذي حسد يبري عظامي ويجرح
  ٧ - ففقد صديق الصدق فيها أحلني ... محل غريب داره الدهر تبرح
  ٨ - ما يستحق زماني وهو ساعدني ... بود مثلك أن أشكوه في حال
  رآك غاية أمالي فما برحت ... تسعى لياليه حتى نلت آمالي
  ٩ - أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوفي، قال حدثنا عسل، قال أخبرني محمد بن الحارث بن جهير، قال: كتب إليّ أحمد بن المعدل أبو راسب:
  صحبتك في الله يا محمد ... كما صحب الفرقد الفرقد
  وهمك في الخير إذ لا يزال ... يراع بك المترف المفسد
  فلما تباعدت بالصالحين ... وأنكرك الفقه والمسجد
  دعوتك دعوة مستنهض ... ألا تذكر الموت يا أحمد
  ألا تستعد بزاد التقى ... وأنت بهم الردى تقصد
  ألا تستجيب لداعي النهى ... ألا تستعد ألا ترشد
  فكتبت إليه:
  رفدت أخاك وأنجدته ... ولا زلت مسترفداً ينجد
  وناديتني حين نادى المشيب ... كأن كان بينكما موعد
  فرعت فؤدي وأنبهته ... كما راع ذا الغرة الأسود
  وأعليت صوتك مستنهضاً ... ألا تذكر الموت يا أحمد
  ف لله قلب رأى حلمه ... وجاوزه جهله المفسد