رابعا: أشعار في الأخوة
  ومَنْ يَتَتَبَّعْ جَاهِداً كُلّ عَثْرةٍ ... يَجِدْهَا وَلاَ يَسْلَمْ لَهُ الدَهْرَ صَاحِبُ
  ٥٦ - إِذَا بُلِي اللَّبِيبُ بِقُرْبِ فَدْمِ ... تَجَرَّعَ فِيهِ كَاسَاتِ الْحُتُوف
  فَذُو الطَّبْعِ الْكَثِيفِ بِغَيْرِ قَصْدٍ ... يَضُرُّ بِصَاحِبِ الطَّبْعِ اللَّطِيف
  وَذَلِكَ أَنَّ بَيْنَهُمَا اخْتِلافًا ... كَحُمَّى الرّبْعِ فِي فَصْلِ الْخَرِيف
  ٥٧ - إِذَا أَنْتَ سَارَرْتَ فِي مَجْلِسٍ ... فَإِنَّكَ فِي أَهْلِهِ مُتَّهَمْ
  فَهَذَا يَقُولُ قَدْ اغْتَابَنِي ... وَذَا يَسْتَرِيبُ وَذَا يَأْثَمُ
  ٥٨ - كَانَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِيمَا مَضَى ... يُورِثُ لِلْبَهْجَةِ وَالسَّلْوَةْ
  فَانْقَلَبَ الأَمْرُ إِلَى ضِدِّهِ ... فَصَارَت السَّلْوَةُ فِي الْخَلْوَةْ
  ٥٩ - مُخَالِطُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا عَلَى خِطَرٍ ... وَفِي بَلاءٍ وَصَفْوٍ شِيبَ بِالْكَدَرَ
  كَرَاكِبِ الْبَحْرِ إِنْ تَسْلَمْ حُشَاشَتُهُ ... فَلَيْسَ يَسْلَمُ مِنْ خَوْفِ وَمِنْ حَذَر
  ٦٠ - تَوقَّ بَنِي الزَّمَانِ فَكَمْ خَلِيلٍ ... مِنْ الْخِلانِ مَذْمُوم الْخَلال
  وَخَفّفْ مَا اسْتُطَعْتَ فَكُلُّ نَذْلٍ ... يَرَى رَدَّ السَّلامِ مِن الثِّقَال
  وَلا تَنْظُرْ لِجِسْم الْمَرْءِ وَانْظُرْ ... دِيَانَتَهُ فَإِنَّ الْجِسْمَ آل
  وَإِنْ عَايَنْتَ ذَا فِسْقِ وَكُفْرِ ... فَخَفْهُ فَذَاكَ أَخْتَلُ مِنْ ذُؤَال
  ٦١ - وَلَيْسَ أَخُوكَ الدَّائِمُ الْعَهْدِ بِالَّذِي ... يَذِمُّكَ إِنْ وَلَّى وَيُرْضِيكَ مُقْبِلاً
  وَلَكِنَّهُ النَّائِي إِذَا كُنْتَ آمِنًا ... وَصَاحِبُكَ الأَدْنَى إِذَا الأَمْر مُعْضِلاً
  ٦٢ - وَقَدْ تَعَامَى رِجَالٌ لَوْ تَبَيَّنُ لَهُمْ ... سَجِيَّةُ النَّاسِ خَافُوا كُلَّ مَنْ أَمِنُوا
  ذَمَمْتُ وَقْتَكَ أَنْ نَابَتْكَ نَائِبَةٌ ... بِمِثْلِ مَا تَشْتَكِيهِ يُعْرَفُ الزَّمَنُ
  خِفْ مِنْ جَلِيسِكَ وَاصْمُتْ إِنْ بُلِيتَ بِهِ ... فَالْعِيُّ أَفْضَلُ مِمَّا يَحْبِكُ اللَّسِنُ
  ٦٣ - وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ الْمُزَاحَ فَإِنَّهُ ... يُطَمِّعُ فِيكَ الطِّفْلَ وَالرَّجُلَ النَّذْلا
  وَيُذَهِّبُ مَاءَ الْوَجْهِ بَعْدَ بَهَائِهِ ... وَيُورِثُ بَعْدَ الْعِزِّ صَاحِبَهُ ذُلا
  ٦٤ - مَنْ خَصَّ بِالشُّكْرِ الصَّدِيقَ فَإِنَّنِي ... أَحْبُو بِخَالِصِ شُكْرِيَ الأَعْدَاءَ
  نَكِّرُوا عَليَّ مَعَائِبِي فَحَذِرْتُهَا ... وَنَفَيْتُ عَنْ أَخْلاقِي الأَقْذَاءَ
  وَلَرُبَّمَا انْتَفَعَ الْفَتَى بِعَدُوِّهِ ... وَالسُّمُّ أَحْيَانًا يَكُون شِفَاءَ